يومية سياسية مستقلة
بيروت / °19

الرئاسة في لبنان إلى المَقاعد الخلْفية والحكومة «المحتملة» تتصدّر

Sunday, October 2, 2022 10:22:48 PM

من المصادفات التي يشهدها لبنان أن يعجز النواب عن انتخاب رئيسٍ للجمهورية عشية الذكرى 33 لاتفاق الطائف (وُضع في 30 سبتمبر 1989 وأقرّ بقانون في 22 اكتوبر 1989) الذي عاد إلى الواجهة مجدداً عبر البيان الذي أصدره وزراء خارجية الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية قبل أسبوعين من خلال الدعوة الى الحفاظ عليه ربْطاً بالاستحقاق الرئاسي.

وفي وقتٍ لم يتبق على نهاية عهد الرئيس العماد ميشال عون والمهلة الدستورية لانتخاب خَلَفٍ له سوى 30 يوماً، يغيب الاحتفالُ بذكرى الطائف الذي بات معلَّقاً على رغبات بعض القوى بتغييره وبإدخال إصلاحات عليه، في مقابل تَمَسُّك القوى المُعارِضة به وبتنفيذه كاملاً واعتبارها أن تَعَثُّر انتخابات الرئاسة يعزز الخشية من المساس باتفاقٍ عَبَرَ باللبنانيين من مرحلةِ الحرب التي اندلعت في 1975 الى السِلْم.
كان الكل يعلم أن أولى جلسات الانتخاب الرئاسية التي دعا اليها رئيس البرلمان نبيه بري في 29 سبتمبر أي الخميس الماضي، ستكون شبيهةً بالجلسة التي عُقدت في 23 ابريل 2014 التي نال فيها رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع 48 صوتاً مقابل 52 ورقة بيضاء. حينها آثَر فريق 8 مارس عدم تقديم مرشّحهم العماد مييشال عون الى الانتخاب، تماماً كما جلسة الخميس، مع فارق عدم الاتفاق داخل المعسكر، الذي يقوده «حزب الله» بالتحالف مع «التيار الوطني الحر» وآخَرين، حتى الآن على مرشّح واحد.

وهكذا كانت الجلسة الأولى بمثابة بالون اختبار للقوى السياسية، لجهة النصاب ومَن سيعطّله وكشْف المرشّحين المعلَنين، وكأن الجميع تبادلوا فيها زرْع «جهاز استشعار الحركة» الرئاسية ومناوراتها.

كان الكل يعلم مسار جلسة تدشين الاستحقاق الرئاسي دستورياً، لكن أحداً من القوى الأساسية لا يعلم هل ستكون الأخيرة قبل انتهاء المهلة الدستورية في 31 الجاري، وما مصير الرئاسة بعد فاتحة جلسات الـ «لا انتخاب».

ما انبثقت عنه الجلسة كَشَفَ اسم مرشح جدي هو النائب ميشال معوّض الذي تبنّتْه غالبية الكتل المُعارِضة من «قوات لبنانية» و«كتائب» وحزب تقدمي اشتراكي ومستقلّين، في مقابل القوى التغييرية التي تبنّت اسم المرشح سليم اده الذي أعلن في بيان له رفض ترشيحه، لينكفىء العدد الأكبر من النواب السنّة ضمن المعارضة نحو إما التصويت بورقة «لبنان» أو إلى «الأبيض».

وفيما اتفقت القوى الموالية فقط على «الورقة البيضاء»، فإن هذه الوقائع لا تترجم عملياً إلا بأن الجلسة الأولى أفضت ألى تعادل سلبي بين الطرفين. فالرئيس بري كرر أكثر من مرة أن لا رئيس للجمهورية إلا بالتوافق ولا دعوة الى انتخاب رئيس في الجلسة الثانية إلا بالتوافق. وهذا يختصر حالة الأيام المقبلة الفاصلة عن نهاية العهد، لكن لا سيناريو واضحاً بعد حيال ما ستؤول إليه الأمور.

فالمعارضة ستكثّف اتصالاتها للاتفاق على مرشح واحد، بعدما ساد الخلاف بينها. لأن معوّض يصرّ على أنه ليس مرشَّحاً للحرق بل لإكمال المعركة، مع أن من غير المستبعد أن يتم التفاوض حول اسمه لمصلحة مرشح تسوية آخر، بين القوى المعارضة نفسها. فكتلة التغييريين تريد الاتفاق على مرشح تسمّيه، والقوى الأخرى ستدخل في مسار شائك من التفاوض مع 13 نائباً يهدفون لإبعاد أي مرشّح مقرّب من القوى السياسية.

في المقابل اتفقتْ الموالاةُ فقط على تعطيل الجلسة وتطيير النصاب الذي قام به نواب حركة «أمل» و«حزب الله». فرئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل قال عشية الجلسة إن التيار سيصوّت بورقة بيضاء وسبق أن أَفْشى أنه لن يصوّت للمرشح الأقرب إلى «حزب الله» أي رئيس تيار المردة سليمان فرنجية. والحزب لم يعلن صراحة أنه يدعم فرنجية لا بل أكد أن لا مرشح لديه، وكذلك فعل الرئيس بري وإن كان اسم زعيم «المردة» الأقرب إليه.

وهذا يؤدي إلى خلاصة أولية بأن الموالاة والمعارضة تتصرفان على أن لا رئيس للجمهورية حتى 31 اكتوبر، وأن بورصة أسماء المرشحين ستكون مفتوحةً على متغيّرات، أقله من جانب المعارضة، من دون أن يعني ذلك ان الموالاة ستكشف النقاب عن مرشحها الأساسي، ترقباً لما سيحدث بعد انتهاء ولاية عون.

ولذا سيكون الانتظار بين حدّيْن: الأول ماذا سيفعل مجلس النواب، وكيف ستضغط قوى المعارضة والموالاة في الأيام العشرة الأخيرة من المهلة الدستورية، وهل سيتكرر سيناريو فقدان النصاب في الجلسات الانتخابية، أي 86 نائباً، كما حصل عام 2014، وهل سيسجّل النواب رقماً قياسياً جديداً بعقد 46 جلسة لانتخاب رئيس جديد كما فعلوا خلال سنتين ونصف من الفراغ الرئاسي بعد انتهاء عهد الرئيس ميشال سليمان.

أما الحد الثاني الأقرب الى المعاينة، فهو مراقبة الخطوة التي يتخذها الرئيس ميشال عون إذا لم يَنتخب مجلس النواب خَلَفاَ له. فخروجه من قصر بعبدا كان الخيار الأرجح حتى الآن، مع اقتراب مؤشرات تشكيل حكومة مكتملة المواصفات. لكن الشكوك حامت بعدها حول مآل مسار تشكيل الحكومة.

فوسط انشغال القوى بالجلسة الرئاسية الأولى، انحسر الكلام عن مفاوضات التأليف. لكن مع تَراجُع الجميع الى الصفوف الخلفية، سيتقدم مجدداً الوضع الحكومي إلى الأمام، ولو تَزامَن ذلك مع الأيام العشرة الأخيرة التي يصبح فيها مجلس النواب حُكماً هيئة انتخابية لانتخاب رئيس. ما يعني أن هذه الأيام العشرة ستكون لتشكيل الحكومة لا لانتخاب خلف لعون. وهنا سيغيب دور المعارضة لمصلحة تَقَدُّم حزب الله و«التيار الحر» في استعادة حرارة المفاوضات مع الرئيس المكلف نجيب ميقاتي وتسريع الخطوات الآيلة الى تأليفٍ يُراد أن يكون «ضمانة» لشغورٍ «تحت السيطرة» عوض الانزلاق نحو فراغٍ... فوضوي.

الراي

يلفت موقع "اللبنانية" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر الّا عن وجهة نظر كاتبه او مصدره.

 

مقالات مشابهة

خاص- هكذا تستهدف إسرائيل قدرات حزب الله

خاص- تغيير الوضع الراهن بين إسرائيل ولبنان: الخيارات الأمريكية

خاص- إيران تستعد للضربة المنتظرة ضد اسرائيل.. تقرير يكشف

خاص- عمليات حزب الله تحولت الى نوعية.. كم عسكري اسرائيلي قتلت؟

خاص- تقارب محتمل بين الإمارات وحزب الله؟

خاص- اقرأوا هذه التفاصيل.. هكذا تستعدّ إسرائيل للحرب مع "الحزب"

خاص- أسلحة أميركية جديدة إلى إسرائيل

خاص- الولايات المتحدة قلقة على لبنان من إسرائيل.. لماذا؟