بقلم حبيب البستاني


الجميع في عجلة من أمره وكانما هي كلمة السر الموزعة على الجميع من ساسة ورجال دين على حد سواء، سقى الله أيام الزمن الجميل حيث كانت كلمة السر يقوم بتوزيعها المكتب الثاني، فكانت عناوين الصحف تتناغم مع الخطة والعنوان وكان الصحافيون يستقون أخبارهم من رجال المكتب الثاني، وفي الحقبة السورية سلوا الناطقين باسم السوريين آنذاك التي كانت صحف البلد تستقي الحدث لا بل العناوين من عندهم.
عنوان المرحلة
لقد عشنا عنوان مرحلة ما قبل الانتخابات وتوصياتها في الجوامع والكنائس على حد سواء، وكانت تنادي بوجوب إجراء الإنتخابات في موعدها أو قل انتخابات مبكرة لا فرق، وكان بعض السياسيين يتبارون في بث التصاريح المشككة بإجرائها، وقد عاونهم فيها بعض كتبة الأوراق الصفراء المدفوعي الأجر سلفاً من ان العهد لا يريد انتخابات يكون هو الخاسر بنتيجتها، وذلك بالرغم من إعلان فخامة الرئيس وفي أكثر من مناسبة من أن الاستحقاقات ستجري في مواعيدها، ولكن "على من تقرأ مزاميرك يا داوود"؟
وما عشناه قبيل الانتخابات عشناه قيبل التكليف من أن العهد يماطل ولكن وبالرغم من أنوف الجميع جرى التكليف وها نحن اليوم نعيش مرحلة التأليف، وها هي الجوقة ذاتها تمارس الضغوط لاستعجال حكومة عتيدة وهذه المرة أياً تكن مواصفاتها، والأنكى أن البعض قفز من استعجال التشكيلة التي يبشر بعدم إتمامها لينادي بانتخابات رئاسية مبكرة هذه المرة.
التأليف
إن الرئيس المكلف وهو رئيس حكومة تصريف الأعمال يعرف تماماً الكيفية والأسلوب المتبع لتشكيل الحكومات، فلا حكومة من دون موافقة فخامة رئيس البلاد عليها فتوقيعه هو الممر الإلزامي لإصدار مراسيم التشكيل التي تصدر متزامنة مع قبول الاستقالة. وبعيداً عن حالة التفاهم بين الرئيس المكلف وفخامة رئيس الجمهورية فيبدو أن دولته مولع بالمسرح الشكسبيري وعظمة البلاط الإنجليزي فيذهب إلى بعبدا ويودع تشكيلته "المكتوبة بخط اليد" في يد الرئيس، هذه التشكيلة التي يراها هو مناسبة...وبغض النظر عن قبول التشكيلة أو رفضها وبعيداً من الدخول في لعبة الأسماء والحصص ومبدأ التوزيع فإن فخامة الرئيس ستكون له كلمته الحاسمة في هذا الخصوص.
وفي هذه العجالة نشير إلى موضوع تسرب التشكيلة إلى الإعلام، وبعيداً عن الفريق الذي سرب فإن الرئيس المكلف قد أعلن أن هذه التشكيلة تحظى بموافقة ومباركة كل من دولة الرئيس بري ووليد جنبلاط وحزب الله بالإضافة إلى عدد من التغييريين والنواب المحسوبين على رئيس تيار العزم، وإذا كان كل هؤلاء قد أيدوا التشكيلة فهم على علم بها وبالتالي وكما هو معلوم فكل سر جاوز الإثنين ذاع.
وبالرغم من كل ذلك فالتشكيلة ليست تهريبة أو تفليسة ولا هي لأرقام المصرف المركزي التي لا يعلمها إلا الخالق كما أرقام الخسائر المصرفية، فالتشكيلة كان يجب من الأساس ألا تناقش إلا مع فخامة الرئيس، فماذا يعني أن يوافق هذا الفريق أو ذاك على أهميته على التشكيلة فيما المطلوب هو موافقة فخامة رئيس الجمهورية عليها، لينطبق القول الماثور عليها "مرتا تهتمين بأمور كثيرة في ما المطلوب واحد.
شد حبال
إن كل ذلك يعتبر من ضمن عملية شد الحبال ومحاولة مفضوحة لوضع فخامة الرئيس في الزاوية وكل ذلك بداعي الضرورة والعجلة. وهنا نسأل لماذا لم يصر إلى تطبيق خطة الكهرباء الموافق عليها وأقله خطة الطوارىء؟ ولماذا لم تنته الحكومة السابقة بوضع خطة النهوض ووضع الاصلاحات الضرورية وإجراء الاتفاقات مع صندوق النقد الدولي IMF؟ واخيراً وليس آخراً لماذا لم يصر إلى البدء بهيكلة القطاع المصرفي واستدعاء الحاكم المركزي المسؤول الأول عن النقد؟ كل ذلك وغيرها من المواضيع أو لم تكن تستدعي العجلة وألم تكن ترتدي طابع الضرورة؟.
الحكومة قادمة
بالرغم من كل ذلك وبالرغم من كل العقد والتعقيدات فإننا مؤمنون أن الحكومة العتيدة ستبصر النور، وإنها ستكون ثمرة اتفاق الضرورة بين العهد والرئيس المكلف.
وكما جرت الانتخابات النيابية ستجري كل الاستحقاقات الدستورية في موعدها وذلك أياً تكن رغبات وطموحات هذا الفريق أو ذاك، سيما أولئك الذين يحاولون تسويق أنفسهم في الربع الساعة الأخير، فالشمس شارقة والناس قاشعة وإن من يريدون بناء دولة المؤسسات لا يمكن أن يخرجوا إلا من رحم الدولة والوطن. وليطمئنوا فإن فخامة الرئيس باق في القصر الجمهوري حتى آخر دقيقة من عهده ليسلم الأمانة إلى الرئيس العتيد.
كاتب سياسي*