يومية سياسية مستقلة
بيروت / °19

خاص - قمع المخالفات والتعديات.. الضاحية خطٌ أحمر

Thursday, January 12, 2023 8:44:32 AM




بقلم جانين ملاح
خاص اللبنانية

مشهدٌ كبير استوقف اللبنانيين أجمع أمس الاربعاء على وقع تعنيف وإذلال كبير تعرّض له عناصر قوى الأمن الداخلي، الذين وخلال القيام بمهمتهم لناحية قمع إحدى المخالفات الموجودة على أملاك للدولة، تعرضوا للدورية بوابل من المسبات والإذلال المقيت لرمزية هذه البذلة العسكرية، حيث تطوّر الأمر مع هؤلاء الشبان إلى أن يقوموا بتضخيم الأمر طائفيًا من خلال شتم بكركي ورمزيتها، ممعنين باستكمال مخالفتهم.
لا شك بأن أيًّا كان يرفض هذا المشهد الذي لا يعبّر إلا عن تهاوي أركان الدولة ركنًا تلو الآخر، لكن السؤال الكبير الذي يطرح: لماذا هذه التحركات التي تقوم بها القوى الأمنية لا يسمع لها صدًى في كافة المناطق اللبنانية؟

عمليًا لا تخلو منطقة لبنانية من التعديات على أملاك الدولة، إذ تنتشر هذه الآفة على كافة بقع لبنان من شماله إلى جنوبه، إذ أن التعدي على مشاعات الدولة بلغ نسبًا غير معقولة أبدًا. فتاريخيًا وعلى امتداد حاضر وعمل الدولة اللبنانية، فإن الحكومات المتعاقبة أقرّت ما نسبته ٦ قوانين منذ ١٩٦٤ لغاية العام ٢٠١٦ حاولت من خلالها ضرب عصفورين بحجر واحد، من خلال تسوية مخالفات المواطنين أولاً، والحصول على مورد مالي ثانيًا تغذّي به خزينتها المالية، متجاهلة هذه الحكومات الخطر الكبير لهكذا قرارات الذي يحرم الدولة عائدات أكبر تتمثل بقيمة ما يتم دفعه.
إذ أن هكذا قرارات تعطي للشخص المرتكب لمخالفة قانونية الحق بتملك البقعة التي سيطر عليها من خلال إجازة بيع هذه الأملاك للمخالفين، من دون أيّ شرط أو ضابط، سوى موافقة مجلس الوزراء على عمليات البيع، بناء على اقتراح الوزير المختص.

هذا من جهة، أما من جهة أخرى فيمكن القول بأن أداء القوى الأمنية هو أداءٌ شبه محصور بمناطق معينة لناحية قمع المخالفات وهذا ما يرجعنا يوم ذلّت الدولة وأجهزتها خلال جلسة لمجلس النواب تاريخ ١٤/١٢/٢٠١١ والمخصصة للاسئلة الموجهة للحكومة واجوبتها حين اشار الرئيس نجيب ميقاتي الى القضاء لقمع مخالفات البناء، ساد البرلمان ضحك كثيف، مما حمله على التساؤل اذا كانت السلطات القضائية "بتضحك"، وهذا هو الواقع المضحك.
فمثلا، و"على عينك يا تاجر"، تنتشر المخالفات في الضاحية الجنوبية لبيروت من الأوزاعي وطريق المطار وصولا إلى الأزقة الصغيرة التي لا يعتبر ممكنًا الدخول إليها، والعبث مع أصحابها الذين فرضوا منطق الدولة الذاتية.
رجوعًا ١٢ سنة وتحديدًا الى شهري أيار وحزيران حيث بدأت الدولة آنذاك بالتّجرؤ والدخول وقمع المخالفات، كان الذي استطاع أن يعمّر، ويخالف، ويتعدّى على أملاك خاصة وعامة "زمط"، إذ أن ما من أحد تجرّأ على إيقاف، أو منع استكمال مخالفة في ظل بضعة مخالفات تمّ إيقافها أو هدمها.
آنذاك تخلّصت القوى الأمنية من عبء المسؤولية من خلال تحويلها على الدولة لناحية نقص العديد الذي تعانيه الفصائل، والذي ظهرت نتائجه مع بداية فورة الأبنية المخالفة.
الأبنية المخالفة نسفت أي دور تنظيمي للدولة، إذ أن أصحابها المحميين سياسيًّا استطاعوا توفير غطاء كبير لهم فتح لديهم فرصة الحصول على الجبنة الأكبر من حصة لا تعود له، فعندما تقول أي حكومة بأن التعديات ضبطت فإن هذا الأمر لا يمتّ الى الحقيقة بصلة، بعض النّظر عن وهم الأحزاب المسيطرة الذين يحاولون من خلاله خلع رداء المسؤولية عنهم وتحميلها لأجهزة الدولة العاجزة، والتي ليس لديها وللأسف فرصة لمواجهة هؤلاء المدعومين المتواجدين في مناطق محددة.

فعن أي عدالة نتكلم، والمناطق اللبنانية تعاني من تمايز كامل من فرض قوة الدولة وهيمنتها؟ إذ من غير المعقول أن تقوم مفرزة في طرابلس، والجبل، وعكار مثلا بالتحرك على المواطن الذي يبني بمجرد اتصال وارد، وأن لا تقوم بفرض الهيبة نفسها في مناطق "حزبية" محمية بقوة السلاح.

وعليه، تشكّل التعديات بحدّ ذاتها ضرباً لكل مفاهيم الدولة كما تمثل خطورة وطنية واجتماعية، اذ لها انعكاس مباشر على المجتمع سواء لناحية التنظيم الذي يضمن معيشة أفضل للأجيال المستقبلية، أو لناحية الحفاظ على البيئة وسلامتها. فعلى اختلاف المناطق اللبنانية تنتشر التعديات لكنها بنسب متفاوتة إذ تحتل الضاحية المراتب الأولى وتتذيله جبل لبنان.
وعلى العموم، فإن الإعتداء اللفظي والإهانة التي تعرضت له القوى الأمنية هو أمر مرفوض، ولا يعبّر عن شكل دولة، لكن ما جرى وما يجري من تمايز لمنطقة على منطقة أخرى، ولما يجري من اختلاف صلاحيات قطع أمنية على امتداد بقع الأرض يدفعنا للسؤال عن "هل باتت مخالفات لبنان تخضع لنظام معين، ومخالفات مناطق نفوذ أحزاب سياسية مسلّحة كحزب الله تخضع لقوانين أخرى خاصة؟"

يلفت موقع "اللبنانية" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر الّا عن وجهة نظر كاتبه او مصدره.

 

مقالات مشابهة

خاص - مجزرة في تاشع العكاريّة.. والوزير ياسين لموقعنا: سيتم تحويل الملف إلى القضاء

خاص- زيارة جزينية ممهورة بختم الثنائي

خاص- الضربة الإسرائيلية أربكت إيران

خاص - نبيل بدر.. رجل الحوار والمبادرات

خاص - الزبالة كترانة... والبلديات تتحرك!

خاص- "اللبنانيّة" يكشف تفاصيل خطيرة عن مراكب الهجرة إلى قبرص..إليكم ما حصل (صور)

خاص- هل يدفع لبنان ثمن التصعيد الإيراني الإسرائيلي؟

خاص - علقة بالبحر!