بقلم المحامـي حنـا البيطـار

ان معارضة استخراج لبنان نفطه وغازه من بحره كما من برّه مزمنة وتمتدّ في التاريخ الى اربعينيات القرن المنصرم مع استقلال لبنان وبداية بناء مؤسّساته الدستورية . ومع قيام دولة اسرائيل على ارض فلسطين، تعزّزت نظرية دول الطَوق الضعيفة فمن غير المسموح أن تكون اية دولة من دول الإحاطة بإسرائيل قوية وفي طليعتها دولة لبنان لما يشكّل الكيان اللبناني من فرادة ثقافية وحضارية تتناقض مع المفاهيم العنصرية وايديولوجية الوحدانية والبطش والقوة. لذلك، كانت اميركا ولا تزال تمانع استخراج لبنان النفط والغاز الا ّ بالشروط الاسرائيلية المتعارضة مع حق لبنان في ثروته وسيادته .
اميركا وحلفاؤها المحليين والاقليميين هم " أعداء" الخط 29 ، وان الحصار السياسي والاقتصادي والمالي والدولاري التجويعي على لبنان وتغطية المنظومة السياسية المصرفية وحمايتها في الداخل وفي الخارج وتسهيل إخراج المليارات المنهوبة والمسروقة والمختلسة الى المصارف الاوروبية المرتبطة عضويا ً بالخزانة الاميركية بهدف تجويع اللبنانيين وإسقاط الدولة في لبنان تمهيدا ً لفرض تسويات لأزمات المنطقة على حسابه وفي طليعة هذه التسويات المجحفة والمذلّة هو الزام لبنان بالتخلّي عن جزء كبير من منطقته الاقتصادية الخالصة في مياه لبنان الاقليمية وسلبه ثروته النفطية والغازية . وبالتالي، لا تصحّ إقامة " التحالف المتين " مع اميركا والانضمام الى منظومتها المحلية والاقليمية، وفي الوقت ذاته الدفاع عن الخط 29، انه زعم لا يمتّ بصلة ٍ الى الواقع العلمي والمنطق السياسي ... من المفاوض الاول كيسنجر الى رايس الى هوف الى هوكشتاين والمشروع الاميركي هو ذاته : تشليح لبنان الجزء الاكبر من ثروته النفطية والغازية، انه موقف اميركي معلن منذ اكثر من نصف قرن ، فهل تكون مفاوضــات هوكشتاين الفصل الاخير في الاجندة الاميركية بالنسبة لهذا الموضوع ؟ إن الجميع، دون استثناء يتحمّل مسؤولية التضحية بحقوق لبنان بهذا المجال، ويجب على حلفاء اميركا مكاشفتها ومصارحتها ومطالبتها بالتخلي عن خطتها في سلب لبنان حقوقه، واننا نأمل وننتظر ان يفعلوا ... التاريخ لن يرحم المتهاونين أينما كان موضعهم، في المعارضة كما في الموالاة، ومهما كانت مراتبهم . والسلام