يومية سياسية مستقلة
بيروت / °19

انتهت الإنتخابات.. وتستمرّ أزمة لبنان الوجوديّة حول الهويّة والنظام

Friday, May 27, 2022 8:31:28 AM

بقلم كمال ذبيان -الديار

انتهت الانتخابات النيابية، وبقيت الازمة مستمرة في لبنان، التي باتت وجودية ومرتبطة بالهوية والنظام، وهي المشكلة المتناسلة منذ حوالى القرنين، فبعد انشاء نظام المتصرفية في جبل لبنان الذي اعطي حكما ذاتيا في زمن الاحتلال العثماني للمنطقة، من حينه ازمة الهوية الوطنية، وبرزت الطائفية السياسية التي تم توزيعها بين قائمقام درزي وآخر مسيحي (ماروني)، في العام 1864، بعد معارك عسكرية ومجازر وتهجير بين الدروز والموارنة والتي دامت لاكثر من عشرين سنة (1840- 1860).


قانون الانتخاب، يؤمن تكوين السلطة، انما الغاء الطائفية لها آليتها تطرق اليها اتفاق الطائف، ولكن لم يعمل على تطبيقه، ولذلك فان الازمة اللبنانية لا تحل بانتخابات نيابية، وفق قانون غالبا ما كان يُفصل على قياس المصالح السياسية والطائفية، وان مشاركة من سمّوا انفسهم «تغييريين» في انتخابات على قانون طائفي، فهم باتوا في صلب نظام طائفي، ولا يمكن «تغييره» من داخله، واثبتت التجارب ذلك، حتى ولو تقدمت كتلة او اكثر باقتراحات قوانين للبدء في الغاء الطائفية، فانها ستلقى رفضا سياسيا وحزبيا طائفيا، وان محاولتين حصلتا بعد اتفاق الطائف، بان تقدمت «الكتلة القومية الاجتماعية» باقتراح قانون للانتخاب على ان يكون لبنان دائرة واحدة على اساس النظام النسبي اللاطائفي، فلم يعرض للنقاش في اللجان النيابية المعنية او الهيئة العامة، كذلك تمكن النائب السابق مروان فارس من جمع عشرة تواقيع من نواب لتشكيل الهيئة الوطنية لالغاء الطائفية، فلم يُدرس ايضا، وكذلك اقرت الحكومة برئاسة رفيق الحريري وفي عهد الرئيس الياس الهراوي، مشروع قانون الزواج المدني الاختياري، فوضعه الحريري في الادراج.





ومن بين النواب الجدد المنتخبين طرح الناب ابراهيم منيمنة موضوع الزواج المدني، ووافقه عليه عدد من زملائه في «قوى التغيير» لتقوم حملة تكفير له، من ائمة بعض المساجد، واحدهم طالب برذله وطرده وضربه، وهو ما يعكس بان الاصلاح في لبنان، امام جدار الطوائف وزعمائها السياسيين وقادتها الروحيين، وان الولوج الى نظام لا طائفي، عالق في المادة 95 من الدستور، التي اعتبرت الطائفية حالة مؤقتة، والوصول الى الخروج منها وعليها يتطلب يقظة وطنية، وفق مرجع نيابي سابق، كان من المساهمين الاساسيين في انجاز اتفاق الطائف.

فمسألة الطائفية في لبنان، لا يمكن التساهل فيها، وهي سبب ازماته السياسية والاقتصادية والانمائية والاجتماعية وحماية الفساد، كما انها «الفتيل الذي يشعل الفتنة والحروب في لبنان، فيجب على مجلس النواب الجديد ان يعمل على وضع الغاء الطائفية كبند اساسي في عملية الاصلاح، لان موضوعا كانتخاب رئيس لمجلس النواب، يلقى اجماعا من الكتلة النيابية الشيعية، ويفتح باب النظام امام ازمة طائفية بسبب رفض كتل نيابية اعادة انتخاب الرئيس نبيه بري.

والطائفية السياسية متفق عليها دستوريا في توزيع المناصب بين الطوائف والمذاهب، ثم عرفا في ان تتسلم الطوائف السلطات الدستورية، فتكون رئاسة الجمهورية للموارنة وليس للمسيحيين، ورئاسة مجلس النواب للشيعة، ورئاسة الحكومة للسّنة، ودخل على هذا العُرف، عرفا آخر ابتدعه رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل وهو «الاقوى في طائفته» اي الذي حصد مقاعد في طائفته اكثر، وكان معياره ان تكون رئاسة الجمهورية للعماد ميشال عون، لانه يمثل اكبر كتلة مسيحية، فانشغل مؤخرا كل من «التيار الوطني الحر» و»القوات اللبنانية» في احصاء المقاعد المسيحية، ومن نال اكثر من الآخر في الاتنخابات وباصوات مَن، حيث تقول «القوات» ان سبعة نواب من التيار فازوا «باصوات الشيعة» فيرد التيار، بان ثمانية نواب من «القوات» وصلوا «باصوات السُنة».

لذلك فان الانتخابات ولّت، وقرار اجرائها كان خارجيا، لامتحان الاكثرية النيابية لمن تكون، وما زال تعدادها ضبابيا، ولا يمكن تحديدها نهائيا، الا بعد تكوّن الكتل، الا ان نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم قال، بان الاكثرية تصل الى 77 نائبا مع حزبه وحلفائه، لمن هو مع المقاومة ضد العدو الاسرائيلي، في وقت اهدى السفير السعودي في لبنان وليد البخاري الاكثرية النيابية الى روح المفتي المرحوم حسن خالد في الذكرى التي اقامها في دارته باليرزة، حيث ظهر الصراع حول من يملك الاكثرية من خلال هذين الموقفين.

من هنا القلق حول ماذا ستخلفه نتائج الانتخابات من تداعيات على الوضع الداخلي اللبناني، المرتبط بالصراع الاقليمي في دول عدة، ويعكس نفسه في طرح هوية لبنان، اذ يتحدث الفريق الذي يسمي نفسه «سيادياً» عن عروبة لبنان وارتباطه بعمقه الغربي والخليجي، خصوصا دون تحديد للعروبة التي لها تعريفات عدة، اذ يتهم «العروبيون الجدد»، حزب الله بانه يحوّل لبنان الى موقع نفوذ لايران، التي ما زالت على مقولتها «تصدير الثورة»، والتي ينظر اليها الفريق المعادي لايران، بانه «تحريك للشيعة» في الدول التي تضمهم، وان حزب الله في لبنان هو ذراع ايران التي تحتله عبره، ولا بد من مقاومة «الاحتلال الايراني» كما يدعي «السياديون».

الانتخابات كانت محطة دستورية لكنها لم تخرج لبنان من محنته في صراع على الهوية والنظام.

يلفت موقع "اللبنانية" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر الّا عن وجهة نظر كاتبه او مصدره.

 

مقالات مشابهة

خاص- هكذا تستهدف إسرائيل قدرات حزب الله

خاص- تغيير الوضع الراهن بين إسرائيل ولبنان: الخيارات الأمريكية

خاص- إيران تستعد للضربة المنتظرة ضد اسرائيل.. تقرير يكشف

خاص- عمليات حزب الله تحولت الى نوعية.. كم عسكري اسرائيلي قتلت؟

خاص- تقارب محتمل بين الإمارات وحزب الله؟

خاص- اقرأوا هذه التفاصيل.. هكذا تستعدّ إسرائيل للحرب مع "الحزب"

خاص- أسلحة أميركية جديدة إلى إسرائيل

خاص- الولايات المتحدة قلقة على لبنان من إسرائيل.. لماذا؟