يومية سياسية مستقلة
بيروت / °19

خاص - جمهورية الطّوابع في المؤسسات.. فتّش عن أصحاب الكارتيلات

Monday, November 21, 2022 11:02:07 AM

بقلم جانين ملاح
خاص اللبنانية

الطوابع غير متواجدة داخل المؤسسات الرسمية إنّما هي متوافرة أمام مداخل هذه المؤسسات، وبسعر السّوق السّوداء.. هذه هي حال المؤسسات الرسمية اليوم..
فلم يسلم اللّبناني من مسؤوليه، حتى ظهر له الموظفون الرسميون الذين يفترض بهم أن يكونوا موجودين لكي يقدموا الخدمات للمواطنين وتسهيل أمورهم، إلا أن الواقع هو عكس ذلك تماما، فمع التّخبط الحاصل داخل المؤسسات الرسمية، وما تبعها من تراخٍ من قبل المسؤولين، برزت إلى العلن أزمة الطوابع المالية، إذ باتت مادة دسمة يهدف من ورائها التّجار إلى العمل جاهدين على استغلال هذه الأزمة من خلال مضاعفة أسعار الطّوابع وإخفائها لأجل الإستفادة من الحاجة الماسة للمواطنين إليها خلال معاملاتهم الرسمية.

فبقدرة قادر، نستطيع أن نقول بأن الطّوابع اختفت كلياً من داخل المؤسسات الرسمية، فعبارة "ما عنا طوابع" باتت ملازمة لأصول الوظيفة، لا بل باتت شعار الموظفين داخل مكاتبهم، ومن هنا تبدأ رحلة المواطن "المعتر" بالبحث عن طابع صغير، تتوقف معاملاته كاملةً لأجله.
وخلال حديث مع أحد المواطنين ممن كانوا يريدون أن يتمموا إخراج القيد داخل دائرة رسمية فيتكلم عن أن الموظف طلب منه أن يقوم بشراء طابع، فأجابه الموظف بأن طلبه غير متوفر، إلا أنّه يمكنك إيجاده وتأمينه من عند شخص معين.. وهنا كانت الكارثة، ليكون "بائع الطوابع" والتي على أساس هي مقطوعة متواجداً على بعد أمتارٍ معدودة من أمام المؤسسة ليكون جاهزاً لتأمين السعر الذي يراه مناسباً وحسب سعر السّوق، فالطوابع باتت قيمتها تعلو وتنزل مع ازدياد ونزول سعر الصرف.


تجارة مزدهرة

بمجدٍ كبير تأخذ سكة بيع الطوابع منحاها نحو الإزدهار، إذ أن احتياجاتها هي احتياجات أساسية، ومن هنا لا يخفي روّاد مواقع التواصل الاجتماعي استياؤهم الكبير، والكبير جداً من هذا الأمر، إذ أنّ منشورات العتب، والإستياء، والغضب تتوالى على هذه المنصات، ومن هنا يصرُّ المواطنون على أنّهم مستعدون لأجل دفع أي مبلغ مطلوب بغية الحصول على الطّوابع حيث قال أحد المواطنين «"آخر همّي مين مدّعي... ومين معو حق... ومين بيربح الدعوى... بدّي أعرف من وين لاقى طوابع"».

التّجارة المزدهرة هذه جعلت من الطوابع عملة صعبة المنال، إذ أن "السّماسرة" وإن تكرموا على المواطنين فإنّهم يبيعون الطّابع الواحد بقيمة تصل إلى ١٠ أضعاف سعره، لا بل أكثر، حتى أن بعضهم قرّر أن يضع شروطاً صارمة تتمثل بدفع الفريش دولار، ما يعني بناء ثروة على هموم المواطنين عن طريق استغلالهم، خاصة وأن هذه التّجارة هي فعلاً مربحة بالنسبة إلى سمسار يحصل على طوابع ويقرّر احتكارها أمام أبواب المؤسسات، وبالأرقام فقد أكدت الدولية للمعلومات بأن أرباح الدولة من عملية بيع الطوابع قد وصلت إلى ما يقارب ١٠٣ مليارات ليرة بعدما كانت ٨٣ مليار العام الفائت.


إبحث عن المحتكرين

عملية البحث عن المحتكرين هي مهمة غير صعبة إذ أن أماكنهم هي شبه معروفة نسبةً إلى التّردد الكبير الذي يتم إلى أماكن تواجدهم، ومن هنا لا بد من أن نلقي نظرة على القانون الذي ينص على أن الطوابع تباع ضمن مراكز محددة وفقاً للقانون وذلك للباعة المجازين القانونين، وأمناء الصّناديق أوالموظفين في الإدارات والمؤسسات العامة، مشدداً المرسوم الإشتراعي رقم ٦٧ على أن من يريد أن يحصل على ترخيص لبيع الطوابع يتوجب أن يكون لديه محل ثابت للبيع، وعدم بيع الطوابع بأعلى من قيمتها الرسمية المحددة من قبل الدولة، وهنا تأتي المشكلة الأعظم حيث أن أصحاب الكارتيلات يتمتعون بميزة البائعين المتجولين غير الثابتين، بالإضافة إلى وضع الأسعار "التجارية" التي تحلو لهم.
المحتكرون مدربون جيدًا على هكذا مهمات، إذ أن الأمر قبل الأزمة بدأ بخطط مبكّلة تمثلت بالتردد إلى الصّناديق وشراء مئات الطّوابع من مختلف الفئات، متجاوزين القانون من إعطاء أسماء وهمية، وأرقام هاتف مزيفة، متمردين على قرار وزير المالية.


أساس الأزمة

تتعدد أسباب الأزمة ما بين أخلاقية ورقابية، وفنية، فمن النّاحية الأخلاقية فإن الواضح بأن تجار الأزمات لا يأبهون لهموم النّاس ومشاكلهم، إذ أن احتكاراتهم تؤدي في كثير من الأحيان إلى إضاعة فرص كبيرة على الشخص الباحث عن الطّابع، خاصة لناحية إتمام إخراجات قيد، أو هوية، أو حتى داخل المحاكم.
أما على المستوى اللّوجستي، فوزارة المال هي غائبة تماماً عن أي ملاحقة، ولم تقم بالمهام المطلوبة منها، فالوزير أولا وبموجب المادة ٧٢ من المرسوم الإشتراعى رقم 67 تاريخ : 05/08/1967 لديه كامل الحق بأن يقوم بإقفال المحال والمراكز المخالفة، لمدة ٣ سنوات في حال تم تكرار المخالفة، وهذا ما لم نراه على أرض الواقع، إذ أن الوزير هو شبه غائب عن هذه المهزلة الحاصلة. من ناحية أخرى دور رقابي أخر يظهر لخزينة المصلحة في وزارة المالية إذ أن المادة ٢٣ من المرسوم المذكور آنفاً قد أعطت رئيس الخزانة الحق يأن يقوم بالمراقبة والتحقيق من حسن تطبيق القانون والأنظمة وتنفيذ التّعليمات المتعلقة على أمر الطوابع حيث شدّد المشرع بأمر الرقابة على أن عملية بيع الطوابع يجب أن لا تكون أكثر من قيمتها الإسمية، وهذا ما أتى على ذكره بأكثر من مناسبة.

أما فنياً فإن الدولة غائبة عن المشهدية، فلا الوزارة قادرة على أن تؤمن المستلزمات، ولا الدولة لديها المقدرة على تأمين الطوابع وذلك لعدة عوامل. فلفترات متلاحقة منذ عام ٢٠١٩ كان هناك شبه انقطاع دائم للورق والحبر من داخل الإدارات والمؤسسات، من ناحية أخرى يقف قانون الشراء العام حجر عثرة أمام عدم قدرة الدولة على تعويم السوق وعدم القيام بأي اتفاقيات جديدة. ومن هنا يبرز دور الجيش حيث أنّه خلال الأزمة كان الجيش مستعدا لأن يحل مكان الدولة من خلال تأمين طباعة الطّوابع الماليّة في مديرية الشّؤون الجغرافيّة، ما ساهم بسدّ الحاجة، وتيسير شؤون النّاس.

إلا أن المشكلة داخل الإدارات لاتزال متواجدة، خاصة لناحية أسعار الطوابع، فما بين البقاع وعاليه مثلاً قد يصل الفرق بين سعر الطّابع الواحد لما يقارب ٢٠ و ٣٠ وحتى ٥٠ ألف ليرة.. فعن أي رقابة ومحاسبة نتكلم، وإلى أي مدى سيستمر هذا التّفلت خاصة و أن أصحاب الكارتيلات يعملون تحت أريحية كبيرة، وبهامش حرية واسع لا يحدّه أو يقصيه أحد.

يلفت موقع "اللبنانية" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر الّا عن وجهة نظر كاتبه او مصدره.

 

مقالات مشابهة

خاص - مجزرة في تاشع العكاريّة.. والوزير ياسين لموقعنا: سيتم تحويل الملف إلى القضاء

خاص- زيارة جزينية ممهورة بختم الثنائي

خاص- الضربة الإسرائيلية أربكت إيران

خاص - نبيل بدر.. رجل الحوار والمبادرات

خاص - الزبالة كترانة... والبلديات تتحرك!

خاص- "اللبنانيّة" يكشف تفاصيل خطيرة عن مراكب الهجرة إلى قبرص..إليكم ما حصل (صور)

خاص- هل يدفع لبنان ثمن التصعيد الإيراني الإسرائيلي؟

خاص - علقة بالبحر!