يومية سياسية مستقلة
بيروت / °19

الترسيم البحري" تهدّده الصراعات الإسرائيلية الداخلية

Thursday, September 22, 2022 9:05:14 PM

إذا لم تصوتوا لي، سيحصل حزب الله على الغاز".. هو العنوان الأبرز للدعاية الإنتخابية التي أرادها الزعيم الليكودي المعارض بنيامين نتنياهو، لتذييل حملته الإنتخابية في وجه منافسيه في انتخابات الكنيست المُبكّرة في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
واستهل نتنياهو مقطع فيديو، مدته دقيقة وسبعُ ثوانٍ، نشره في صفحته في فايسبوك، بمقطع مصور لأمين عام حزب الله، حسن نصر الله، وهو يتوعد إسرائيل إذا استخرجت الغاز من حقل "كاريش"، ومن ثم يعلق نتنياهو قائلاً: "لابيد خضع لإملاءات حزب الله، ولم يستخرج الغاز؛ خشية منه". وحذر نتنياهو الإسرائيليين من التصويت لمنافسه لابيد، بإعتبار أن "فوز الأخير وخسارة نتنياهو، فرصة لحصول حزب الله على حقول الغاز التي ستدر على خزينته مليارات الدولارات، لإستثمارها في امتلاك قذائف وصواريخ دقيقة لضرب إسرائيل".

وبالغوص في توجهات المعلقين على الفيديو الدعائي الذي نشره نتنياهو في فايسبوك، فإن بعضهم ارتأى أن يسخر من تحذير نتنياهو، باعتباره لمصلحته الانتخابية، وليس لإسرائيل، وكتبت ناشطة إسرائيلية تحت الفيديو: "يكذب، وكأنه يتنفس!"، وآخر كتَب له: "الرسالة المقلقة حقاً، أن تكون لديك الحكومة رقم 61، أما تهديدات نصر الله فسيتم التعامل معها". بينما وصف إسرائيلي ثالث، لابيد، بأنه "أكثر شجاعة وذكاء من نتنياهو، وأن الأخير هو من سمح بتعاظم قوة حزب الله طوال فترة حكمه".

وفي المقابل، تناغمت أصوات أخرى مع فيديو نتنياهو، في إطار نقاش إسرائيلي محتدم بين يمين حاكم، ويمين مُعارض.

والحال، انّ اشتداد وتيرة توظيف المعارضة اليمينية الإسرائيلية لملف الترسيم كدعاية انتخابية في وجه مرُكّبات الحكومة الإسرائيلية برئاسة لابيد، جاء بموازاة تصاعد جُرعة التفاؤل اللبناني-الإسرائيلي، في الأيام الأخيرة، إزاء إمكانية نضوج اتفاق لترسيم الحدود قريباً. وهو ما يطرح تساؤلاً حول ما إذا كانت التجاذبات الداخلية الإسرائيلية ستعطل أو تؤجل تسوية وشيكة لهذا الملف بين بيروت وتل أبيب؟ أم أنه سيرى النور، بكل الأحوال، بعد انتخابات الكنيست، مع الإكتفاء، حتى ذلك الحين، بالحديث عن التفاؤل؟

بيدَ أن عنواناً أبرزته الإذاعة الإسرائيلية "مكان" ومفاده "المستشارة القضائية تمنح ضوءاً أخضر للحكومة لإبرام اتفاق الترسيم البحري من دون أي استفتاء"، يعزز الإنطباع أن ثمة أمراً قريباً بشأن الاتفاق، خصوصاً أن الرأي القضائي جاء بطلب عاجل من لابيد، وفق الإذاعة العبرية.

في المقابل، تتبنى الحكومة الإسرائيلية، بزعامة لابيد، خطاباً إعلامياً دفاعياً، ولو بهمس، بالقول إن الأمر ليس فيه منطلق شخصي أو حزبي، بل هو "استراتيجي بتوصية أمنية بحتة، لمصلحة إسرائيل، وليس لحزب بعينه"، وحذر لابيد نتنياهو من مخاطر إثارة الأمر انتخابياً، لأنه مُضرّ بإسرائيل.

كما ردّ وزير الدفاع الإسرائيلي على ادعاءات نتنياهو بشأن تأجيل التنقيب؛ كتنازل لحزب الله، بتأكيده أن "استخراج الغاز من كاريش في موعده".

وراح أصحاب هذا الصوت إلى الطمأنة، مرددين أن الحديث يدور عن "ترسيم" وليس "تحديد"، وهو ما يعني أن لبنان سيأخذ سيادة اقتصادية في المنطقة البحرية المتفق عليها، من دون أن يكون هناك أي نشاط أمني وعسكري فيها. ولعلّ هناك هدفاً آخر من وراء استخدام الدولة العبرية لمصطلح "ترسيم"، وهو أنه يعفي الحكومة الإسرائيلية من عرض أي اتفاق بهذا الخصوص من الإستفتاء، وهو ما يعني أنها تسمية التفافية لتمريره.

اللافت أن وسائل إعلام عبرية استخدمت في تعبيراتها خلال الساعات الأخيرة "الاتفاق القريب"، فيما أكد محلل الشؤون السياسية الإسرائيلية شمعون أران أن مفاوضات الترسيم تواصلت، في الأيام الأخيرة، بما فيها جولة من المحادثات، الليلة الماضية، في نيويورك، بين الطواقم اللبنانية والإسرائيلية، عبر الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين.

وحسب التسريبات الإسرائيلية، فإن هوكشتاين سيطرح، في الأيام المقبلة، مسودة اتفاق الترسيم من أجل موافقة الطرفين اللبناني-الإسرائيلي عليها. علماً أنه قام، فقط، طيلة الفترة الماضية، بنقل المقترحات والمسودات المتبادلة بين بيروت وتل أبيب.

ونقل آران عن مصدر سياسي إسرائيلي بأنه إذا تم التوصل لاتفاق نهائي للترسيم البحري، فإنه سيُطرح على الكابينت الإسرائيلي وسيحاط الجمهور الإسرائيلي بتفاصيله، مضيفاً أن استخراج إسرائيل للغاز من "كاريش" سيُنجز قريباً، على ضوء فحوصات تقنية حالية، وسط آمال إسرائيلية بالتوصل لإتفاق نهائي.

وفي معالجة مُطوّلة على أثير إذاعة "مكان"، جدد محلل الشؤون العسكرية إيال عالميا حديثه عن توصية أمنية للتوصل إلى اتفاق الترسيم مع لبنان "في أسرع وقت ممكن"، موضحاً أن التهديد الجديد لحزب الله، الذي أطلقه رئيس أركان الجيش الإسرائيلي أفيف كوخافي، على خلفية معلومات أمنية حول نشاط الحزب قرب الحدود، هو مرتبط بالمعركة الدبلوماسية التي تخوضها إسرائيل في الساحة الدولية بشأن شرعية حزب الله، على ضوء محادثات "الترسيم" الجارية.

لكنّ متخصصين إسرائيليين استبعدوا وقوع مواجهة عسكرية بين حزب الله وإسرائيل على خلفية "كاريش"، بالرغم من التهديدات المتبادلة بينهما، مشيرين إلى أنها مجرد "استهلاك إعلامي" قبيل انتخابات لبنان الرئاسية، وكذلك الانتخابات الإسرائيلية العامة. واعتبروا أن "حزب الله لن يمسّ بكاريش، لأنها متنفس اقتصادي للبنان وإسرائيل، وهناك التقاء مصالح"، على حد قولهم.

وفي ما بدا حسماً من "مكان" لإبرام اتفاق الترسيم، تساءل مذيع النشرة الصباحية حول ما إذا كان "الترسيم" سيحرك اتفاقات أخرى مع لبنان، فردّ عليه ضيفه، قائلاً: "ربما، لكن الحدود البرية وتحديداً ما يخص 300 نقطة خلافية، ليست مطروحة الآن..المهم أن الترسيم هو مؤشر على توقيع الاتفاق النووي بين إيران والغرب لاحقاً" .

بيدَ أن الأمر الذي قال مراقبون إسرائيليون إنهم متأكدون منه، هو أن ثمة "تقاطع مصالح واسعاً جداً بين إسرائيل والدولة اللبنانية بخصوص الترسيم، في ظل أوضاع لبنان الاقتصادية والسياسية الصعبة، بموازاة ما يحدث في العالم، وحاجة أوروبا الماسة للطاقة خلال الشتاء المقبل". وأضافوا أن البنك الدولي كان ضاغطاً على لبنان، بطريقة أو بأخرى، بخصوص الاتفاق، بموازاة ضغط سياسي عارم من أكثر من جهة.

في السياق، زعمت صحيفة "هآرتس" العبرية، في مقال، أن اتفاق الحدود البحرية مع لبنان يمنح إسرائيل شريكًا جديدًا، وهو الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصر الله ، وليس حكومة لبنان، مدعية أن المفاوضات الحقيقية تجري بين إسرائيل والحزب، في سياق مقاربة جديدة لتعامل تل أبيب مع حزب الله، حيث تقوم على "مصالح اقتصادية مشتركة". فبالإضافة إلى "ميزان الردع القديم، يوجد ميزان ربح جديد"، وفق كاتب المقال تسيفي برئيل.
المدن

يلفت موقع "اللبنانية" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر الّا عن وجهة نظر كاتبه او مصدره.

 

مقالات مشابهة

“الحزب” ينعى أحد عناصره

وفاة زوج بهية الحريري

“الموساد” قتل سرور بطريقة معقدة.. وفرار المرتكبين!

قائد الجيش إلى فرنسا

النفط “طلوع”

هل يرغب العدوّ في جولة حرب أو أيام قتالية؟

“الإعتدال” لن يشارك في حوار بري

هل تنجح خطة بلدية صيدا بإزالة المخالفات؟