يومية سياسية مستقلة
بيروت / °31

الإستشارات بعد الإنتخابات أكملت المشهد السياسي الجديد

Tuesday, January 14, 2025 8:25:59 AM

ما جرى أمس في الإستشارات النيابية وتكليف القاضي نواف سلام بتشكيل الحكومة بأكثرية ٨٥ صوتاً، لا يمكن فصله عمَّا حصل في الجلسة النيابية الرئاسية وإنتخاب العماد جوزاف عون رئيساً للجمهورية. نتائج إستشارات الأمس هي الفصل الثاني من المرحلة الجديدة والواعدة، التي كان فصلها الأول وصول رئيس جمهورية إلى بعبدا من خارج المنظومة السياسية الفاسدة، وجاء الفصل الثاني برئيس حكومة العهد الأولى من نفس الطينة، وبعيداً عن بؤر الفساد والزبائنية، ليكمل صورة المشهد السياسي الجديد في البلد.
لا يمكن اعتبار تكليف نواف سلام تحدياً لأحد، ولا انتصاراً فئوياً أو سياسياً لأي فريق، بقدر ما يجب التعامل مع هذه الخطوة، بما يتطلَّبه الواقع الجديد من حكمة وحنكة وبُعد نظر، وحرص على انطلاق ورشة الإصلاح والإنقاذ، تحت المظلة العربية والدولية التي ترعى الوضع اللبناني المتداعي نتيجة الأزمات الداخلية المتراكمة، وبعد الحرب الإسرائيلية وما خلَّفته من دمار واسع في مناطق الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت. هذه المظلة التي تتابع تفاصيل تنفيذ الإنسحاب الإسرائيلي من الأراضي اللبنانية في نهاية هدنة الستين يوماً، فيما تستعد بلدانها، وخاصة السعودية ودول خليجية أخرى، للمساهمة الفاعلة في ورشة إعادة إعمار القرى والمناطق التي دمرها العدو الإسرائيلي، وتسريع خطى إعادة مليون نازح لبناني إلى بيوتهم بعد إنهاء عمليات البناء وتجهيز البنية التحتية في القرى المهدَّمة.

أجواء الإرتياح التي أشاعها خطاب القسم، والتي تعززت بمناخات التفاؤل بعد الإستشارات النيابية، يجب صونها برموش العين، والإبتعاد عن محاولات العرقلة والتمييع من جانب القوى المصدومة بالتطورات المتسارعة التي صحَّحت الخلل السابق في المعادلة الداخلية. وفي مقدمة تلك القوى حزب الله، حيث لم يكن تصريح رئيس كتلته النيابية في القصر الجمهوري موفقاً، ولا يُطمئِن اللبنانيين بأن الحزب عائد إلى قواعد الشراكة الحقيقية، بعيداً عن أساليب التفرُّد بالقرارات الوطنية، أو حتى الإستمرار في التعامل مع الشريك الآخر بمنطق الفيتوات، والهيمنة على الوضع السياسي وتوجهات السلطة الشرعية.
لا أحد يقبل بسياسة الإقصاء، وفرض العقوبات على أي مكوِّن وطني. ولا وجود لمبدأ الإنتقام في القاموس الوطني، ومبدأ «لا غالب ولا مغلوب» يبقى هو القاعدة الذهبية لحماية العيش الواحد بين اللبنانيين، مهما إختلفوا في السياسة. ولكن المهم أن تبقى خلافاتهم وتنافساتهم من أجل الوطن، وليس لحساب أجندات خارجية، تحمِّل لبنان الوزر الأكبر من تداعياتها المدمرة.
تشكيل الحكومة لن يكون إختباراً للعهد وحده، بل قد يكون هو الإختبار الأصعب بالنسبة للحزب، بسبب معارضته الرئيس المكلف في الإستشارات، وتضامن حركة أمل في هذا الموقف. وهنا تبرز الحاجة، مرة أخرى، لحكمة وحنكة الرئيس نبيه برّي، الذي أثبتت الأحداث الجسام التي مرَّ بها لبنان في السنوات الماضية، لا سيّما في فترة حرب الشهرين، مدى الحاجة الوطنية لوجوده في مواجهة التحديات المصيرية التي أحاطت بالوطن، وإستطاع بنظرته الثاقبة، ورؤيته الصائبة، أن ينقذ البلد من بلاء الحرب المدمرة، والحفاظ على تماسك الجبهة الداخلية، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من بيئته المنكوبة.
لبنان أمام منعطف تاريخي ومصيري حاسم: إما أن يختار طريق الإنقاذ والتعاون مع الأشقاء والأصدقاء للنهوض من حطام الإنهيارات المتراكمة، أو البقاء والغرق في مستنقعات الخلافات والأنانيات والحزبيات، التي أودت بالبلاد والعباد إلى التهلكة.
مرة أخرى، الكرة في ملعب حزب الله..، ولبنان يُنادي الجميع للتوافق على تجاوز هذه المرحلة الصعبة بأسرع ما يمكن، والإرتفاع فوق مستوى الصراعات والإنقسامات المزمنة، معتمدين خطاب القسم برنامجاً أساسياً للإنقاذ، وإعادة أيام الإستقرار والإزدهار.
لبنان الوطن لجميع أبنائه، يستحق أن يعيش بأمن وأمان، بعد سنوات عجاف من المآسي والآلام.

اللواء

يلفت موقع "اللبنانية" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر الّا عن وجهة نظر كاتبه او مصدره.

 

مقالات مشابهة

دانييلا رحمه سفيرة Beauty and Wellbeing Forum للعام 2025

تساقط الثلوج فوق مرتفعات الضنية.. والجليد غطى الطرقات

استمرار جهود البلديات في فتح الطرق بعد العاصفة الثلجية

من هو ناصر السعيدي الذي اعتذر عن تولي حقيبة وزارة التنمية الإدارية؟

لمناسبة عيد مار مارون.. تدابير سير في وسط بيروت الأحد

بارودي من أثينا: هكذا يمكن للحكومة الجديدة أن تفعِّل قطاع الطاقة خلال ٩٠ يوماً

حزب البعث في لبنان يرفض التدخل الأميركي: لبنان سيد قراره

هل تكفي المواقف الاميركية لضمان انسحاب اسرائيل في 18 شباط؟