المحامي لوسيان عون – كاتب ومحلل سياسي


قبل عرض مراحل بيع لبنان بالتقسيط، نستذكر عرض الموفد الاميريكي دين براون للجبهة اللبنانية في العام ١٩٧٦ عندما فاتح الاخير الرئيس كميل شمعون باقتراح ترحيل المسيحيين يومها الى كندا مطمئناً اياه بان بواخر الترحيل لم تكن بعيدة عن الشاطىء يومذاك ولا تتطلب عملية الإجلاء ساعات طويلة فكان أن رد شمعون عليه بحزم بأننا سنصمد في هذه الأرض “ولتعودوا مع بواخركم من حيث أتيتم”
في الشهر الخامس من العام ٢٠١٨ خلال عهد العماد ميشال عون ،اصدر الاخير بشكل سري مرسوم تجنيس ل ٤١١ شخصاً نصفهم من السوريين والفلسطينيين، بقي طي الكتمان في حينه ولم ينشر في الجريدة الرسمية نظراً للجريمة الكبرى التي ارتكبت في حينه والعيب الفاضح الذي أنتجه ،غير ان التسريبات فضحت ما ارتكب،
وكان صدر في العام ١٩٩٤ مرسوم التجنيس المشؤوم الذي جنس “عدد من المسؤولين” بواسطته ما يفوق ٤٠٠ الف من السوريين والفلسطينيين وسواهم ما تسبب بتغيير الوجه الديمغرافي في لبنان وقد انجب المجنسون مئات الآلآف خلال جيلين مرا منذ ذاك التاريخ، اي منذ ثلاثين عاماً بالتحديد فتم توظيف الابناء والاحفاد وانخرطوا في المجتمع.
في العام ٢٠١١ تسبب الفلتان على طول الحدود بين لبنان وسوريا الى تدفق ما يفوق المليونين وخمسائة الف نازح ليكملوا تنفيذ المخطط التدميري، وها هو الاتحاد الاوروبي اليوم يعلن تسوية توافقية مع السلطة الحاكمة التي يرأسها اثنان : الرئيسان بري والحريري ،قوامها تسديد الاتحاد مبلغاً سنوياً قدره ٢٥٠ مليون دولار للبنان على اربع سنوات متتالية ( يعتبر كرشوة او كبدل إيجار سنوي) مقابل السكوت عن المطالبة بترحيل النازحين السوريين ومتابعة عملية منع قوارب هؤلاء من الانطلاق من الشواطىء اللبنانية باتجاه اوروبا.
الرئيس ميقاتي بق البحصة وافشى ما يشكل أخطر بند من بنود هذا التوافق مع الإتحاد عندما اعترف بموافقته على عرض الاتحاد تسهيل هجرة اللبنانيين الى اوروبا مخففاً من وطاة هذه التسهيلات ( الفضيحة) مطلقاً عليها توصيف “موسمية”..
وهنا نسأل ميقاتي : هل مسؤولياتك تتطلب تسهيل هجرة اللبنانيين أم منع هجرة الشباب واقرار تحفيز لدوران عجلة الاقتصاد وتشجيع اللبنانيين على البقاء في أرضهم؟
وهل اخطر من هكذا اتفاق يوازي مرسوم تجنيس للسوريين يقوم على وقف العمل باجراءات ترحيل السوريين لاربع سنوات مقابل إعطاء تسهيلات لهجرة اللبنانيين بمساعدة الإتحاد الأوروبي؟
هي جرائم يرتكبها مسؤولونا لا تقل عن جرائم الحرب حيث يسعى هؤلاء جاهدين لتثبيت اقامة ملايين النازحين وبالتوازي تحفيز ملايين اللبنانيين على الهجرة الى بلاد الإغتراب!!!
يا لها من مؤامرة وسخة قذرة دولية بمشاركة مسؤولين لبنانيين على رأس السلطة هم انفسهم باعوا مؤخراً للعدو الإسرائيلي ٢٤٠٠ كلم مربع من املاكه البحرية التي تختزن الغاز والنفط وضمنها حقل “كاريش” الغني، وهم يذرفون دموع التماسيح قبل التواطؤ على اختلاس ودائع المواطنين التي تتألف من مليونين وسبعمائة الف حساب مصرفي البالغة ١٩٠ مليار دولار والتي اختفت بشحطة قلم عشية ثورة ١٧ تشرين الاول ٢٠١٩.
اما بعد، فمن غير المستبعد بيع مرفأ بيروت ومطارها ومعالم لبنان السياحية ودوائره الرسمية بعد تدميرها منهجياً، كما من غير المستبعد التعاقد مع الدول الأجنبية على استقدام مواد نووية مشعة وطمرها في ارضنا ،وكذلك الموافقة على استقدام بواخر تنقل شعوباً من الدول المدقعة الفقر الى ارضنا طالما أن قرار تسهيل تهجير الشعب اللبناني “موسمياً” قد اتخذ رسمياً واعلنه الرئيس ميقاتي “مشكوراً” دون ان ندري ان كان من سيهاجر الى اوستراليا والبرازيل واميركا لسنوات ويكسب الجنسية وسينشىء مصالح هناك سيعود بعدما يتحول لبنان الى مخيمات كما هي الحال اليوم وانقاض وارض محروقة كما هي الحال جنوباً..
هكذا يكتمل المخطط الدولي، مع تعاون العملاء في الداخل بالتمام والكمال وتنفيذ ما طلب منهم تحت عنوان : تشريع اقامة النازحين وتثبيتهم في ارضكم ومنع مغادرتهم اياها مقابل تشجيعكم لهجرة اللبنانيين مع استعدادنا لمساعدتهم على تأمين تاشيرات دخول واقامات لهم، ولكم مليار دولار تصرفونها على حواشيكم وعائلاتكم بالهناء والفرح والسعادة والبهجة.
في المحصلة نجحت طبخة mixte هي ترانسفير باتجاهين : الاولى من سوريا الى لبنان، والثانية من لبنان الى اوروبا.
مبروك للنظام السوري
مبروك لمن يبحث عن الهجرة من اللبنانيين
مبروك لمسؤولينا “الاوفياء” لوطنهم و”المخلصين”
hard luck للوطنيين المتشبثين بارضهم وهويتهم وتراثهم… بانتظار ملحق التسوية مع الاتحاد الاوروبي، وقد يكون “طرد اللبنانيين بالمنيح او الوحيش”!