يومية سياسية مستقلة
بيروت / °31

الفراغ يتمدّد.. لبنان غاب عن حوار بن سلمان- بلينكن

Thursday, June 8, 2023 11:20:35 AM

جاءت زيارة وزير الخارجية الاميركية انتوني بلينكن الى الرياض، لتشرح السبب الحقيقي لحالة الاستعصاء اللبنانية، والمناورات السياسية المستمرة بين الكتل النيابية حول الاستحقاق الرئاسي. رئيس الديبلوماسية الاميركية الذي اجتمع مع ولي العهد السعودي، ويلتقي مسؤولين خليجيين في جولته، لم يقارب المسألة اللبنانية لا من قريب او بعيد، كما لم يتطرق مضيفه السعودي الى الموضوع ايضا. وللمفارقة تقول اوساط ديبلوماسية ان لبنان ليس موجودا على «طاولة» النقاشات الامنية والسياسية الا في «اسرائيل»، وآخر التجليات تهديد وزير الحرب يوآف غالانت باعادة لبنان الى العصر الحجري، اذا اندلعت مواجهة مع حزب الله. فلماذا لا يحضر الملف اللبناني الا من «البوابة الاسرائيلية»؟ ولماذا ارتفاع سقف التهديدات؟ ولماذا لم يحضر الملف في السعودية؟.

ووفقا لتلك الاوساط، السؤال لا يبدو مثيرا للدهشة ابدا، فحجم وضخامة الملفات المطروحة على الطاولة، يجعل من الملف اللبناني ثانويا وعلى هامش الاهتمامات المشتركة لكلتا الدولتين. فالاجتماع بحث قضايا جوهرية بعيدا عن «الرئاسيات» اللبنانية، على الرغم من حضور مساعدة وزير الخارجية باربرا ليف، وتوم سوليفان نائب رئيس موظفي بلينكن، وهما منخرطان على نحو جاد في تفاصيل الازمة اللبنانية. لكن ثمة اولويات اخرى تشغل بال البلدين: النفط، التطبيع مع «اسرائيل»، العلاقة مع طهران، الانفتاح على سوريا، السودان، اليمن، مكافحة الارهاب والحرب على «داعش». وحتى لقاء بلينكن في اجتماع وزاري في الرياض مع كبار ديبلوماسيي دول مجلس التعاون الخليجي، لديه ايضا اجندة مختلفة، بحسب المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري، الذي حدد جدول اعماله بالقضايا الإقليمية الرئيسية، التي تشمل الصراعات في اليمن والسودان وسوريا والأراضي الفلسطينية...


ولهذا تنصح تلك الاوساط، كل مَن يراهن في لبنان على حراك خارجي يمكن ان يترك تأثيره المباشر في ميزان القوى الداخلي، بالتخلي عن هذه التقديرات غير الدقيقة، لان لبنان ملف وضع على «الرف»، ولا يزال الفرنسيون وحدهم مكلفين محاولة ايجاد تسوية، دون ان تكون اي من الدول الاقليمية والدولية الفاعلة مستعجلة، او في موقع القيام بضغوط جدية لتغيير مسار الامور. وهذا ما يثير القلق من استمرار «الفراغ» الى امد طويل، وهو امر حذر منه الفرنسيون لكل من زارهم مؤخرا، وهم الاكثر ادراكا بعدم وجود لبنان على رأس قائمة الاولويات في المنطقة.

وحدها «اسرائيل» لا تزال تضع الملف اللبناني في مقدمة اولوياتها، وجاءت تهديدات وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت بإعادة لبنان إلى العصر الحجري، إذا ارتكب حزب الله خطأ وبدأ الحرب ضد بلاده، لتطرح علامة استفهام حول خلفياتها وتوقيتها؟

تصريحات غالانت التي جاءت خلال جولة ميدانية قام بها على الجبهة الشمالية لتفقد مناورة «القبضة الساحقة» التي يجريها الجيش الإسرائيلي برا وبحرا وجوا، وتحاكي الحرب متعددة الجبهات، هي مجرد تهويل لمنع الحرب، ولا تعبر عن رغبة اسرائيلية في الذهاب الى اي تصعيد مع لبنان، كما تقول اوساط معنية بهذا الملف، والامر يرتبط بعدم جهوزية «اسرائيل» للحرب، وليس لشيء آخر.

وتستشهد تلك الاوساط، بما ورد في خلاصة صدرت قبل ساعات عن معهد دراسات الأمن القومي، التابع لجامعة «تل أبيب»، لسلوك «الجبهة المدنية» في «إسرائيل» خلال حملة «درع وسهم» ضد الجهاد الإسلامي. ولفتت الدراسة الى ان هذه المنظومة تصرفت خلال الجولة القتالية بشكل معقول، لكن قدرتها على التعامل مع «العدو» كانت نابعة بالأساس من الفجوة الكبيرة جداً بين قدرات الدفاع والهجوم لدى «اسرائيل»، مقارنةً بالضعف الإستراتيجي والتكتيكي لدى الجهاد الإسلامي، بالتأكيد لا يمكن مقارنة ذلك بحزب الله. فهذه الفجوة يمكن أن تتقلص كثيراً في مواجهة مستقبلية واسعة، يمكن أن تكون متعددة الجبهات. ولذلك، يمكن أن تفرض تحديات أكبر بكثير على قدرة وفاعلية هذه المنظومات التي بُنيت في «إسرائيل» خلال الأعوام الماضية، كي تعمل بصورة صحيحة في مواجهة أمنية.


ولفت المعهد الى ان الرد الإسرائيلي في مواجهة تهديد صاروخي محدود معقول، على المستوى العملياتي، حتى لو لم يكن صارماً بشكل تام. لكن الإنجاز على الصعيد العسكري لا يشير إلى جديد بالنسبة إلى موازين القوى ما بين «إسرائيل» وقطاع غزة، غير ان المشكلة تبقى في احتمال اندلاع مواجهة محتملة يشارك فيها حزب الله ، محذراً من أن مواجهة واسعة كهذه ستترافق مع تهديد أوسع بكثير مما شهدناه مؤخراً في الجبهة الإسرائيلية، كما يبدي شكا كبيراً في أن يكون الأداء الإسرائيلي على الصعيد الدفاعي شبيهاً بما شهدناه في الجولة القتالية الأخيرة مع الجهاد الإسلامي.

كما يعتبر معهد الدراسات، أن الدليل الأبرز على هذه الفجوة يكمن في النقص الهائل في الملاجئ في «إسرائيل» عموماً، وفي الجبهة الشمالية خصوصاً . وفي السياق نفسه، يحذر من حالة «وهم وكسل خطرة» بشأن التعامل بنجاح مع هجمات صاروخية، لان اي مواجهة واسعة ستترافق مع تهديد أوسع بكثير مما شهدناه مؤخراً، مبديا المزيد من الشكوك في الأداء الإسرائيلي خصوصا في مرحلة الاستقطاب الداخلي والخلافات العميقة التي انعكست على التجنيد للجيش والالتزام بالخدمة العسكرية. وهذا سيكون له انعكاسات خطرة على ادارة ناجحة للمواجهات العسكرية الواسعة المتوقعة.

وفي الخلاصة، لا تبدو «اسرائيل» جاهزة للحرب، والتهويل هو مجرد «صراخ» لمنع وقوعها، لان الاسرائيليين يدركون حجم المخاطر، فالامر لا يرتبط فقط بقدرات حزب الله التسليحية الهائلة، ولا خبرة افراده، او احتمال دخول ايران على خط المواجهة، وانما عدم وجود قدرة داخلية اسرائيلية على الصمود في ظل نقص هائل في جهوزية «الجبهة الداخلية». ولهذا لا داعي «للهلع»، تقول اوساط مطلعة، التي تنصح اللبنانيين بضرورة الاستفادة من عدم اكتراث الخارج لشؤونهم الداخلية لايجاد تفاهم وطني على مستقبل البلاد، من «بوابة» التفاهم على رئيس للجمهورية.


الديار

يلفت موقع "اللبنانية" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر الّا عن وجهة نظر كاتبه او مصدره.

 

مقالات مشابهة

الملك عبدالله الثاني لميقاتي: الأردن يبذل أقصى الجهود لوقف الحرب الإسرائيلية على لبنان

الحلبي عرض خطة لتعليم المتعلمين والمعلمين في مراكز الإيواء والمنازل

باسيل بعد لقاء بري: العمل جارٍ للوصول لإسم توافقي لا يشكل تحدياً لأحد

في زمن الحرب... نازحون سوريون "يتاجرون" بمعاناة اللبنانيين!

قرب نصب للجيش اللبناني... إسرائيل تزعم رفع علمها في الجنوب

سوبرة يشكر السعودية على الجسر الجوي الإغاثي: الدول العربية والخليجية تبقى الحُضن الأساسي للبنان

"32% من مساحة لبنان متأثرة بأوامر الإخلاء"!

وصول طائرة مساعدات فنزويلية للنازحين اللبنانيين في سوريا