يومية سياسية مستقلة
بيروت / °19

مدى حق مجلس الوزراء في عزل قانوناً حاكم المركزي بدون قرار قضائي

Wednesday, May 24, 2023 8:57:16 AM

بقلم الدكتور المحامي هيثم عزُّو- منسّق الدائرة القانونية لروّاد العدالة

تمرّ الدولة اللبنانية بأزمة مالية-مصرفية خطيرة تركت تداعيات عقيمة ومستفحلة على كافة المستويات، وسط تخبط سياسي عقيم فرضه واقع حال شغور كرسي رئاسة الجمهورية.
والى جانب هذه المعضِلة، بدأَت تلوح في الأفق بوادر أزمة جديدة فرضتها هذه المرّة مذكرّة الاعتقال الدولية الصادرة عن منظمّة الانتربول ضد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، الأمر الذي قد يتسبب بمشكلة جديّة للدولة على مستوى التعامل المالي مع البنوك الأجنبية المراسلة، اذ تفيد المعلومات المعمَّمة اعلامياً عن وجود اتجاه لدى المصارف المراسلة الأوروبيّة للتوقّف عن التعامل مع أي مراسلة ستحمل توقيع حاكم المصرف المركزي المطلوب القبض عليه، ومنها تلكَ التي ترتبط بالتصرّف بالاحتياطات أو فتح الاعتمادات المستنديّة أو القيام بتحويلات تمر بأوروبا وهو الأمر الذي سيؤدّي بطبيعة الحال إلى منع مصرف لبنان من التصرّف باحتياطاته المودعة باليورو، كما سيمنَع هذا الأمر في الوقت عيّنهُ الدولة اللبنانيّة من القيام بأي عمليّة ماليّة ترتبط بالنظام المالي الأوروبي وخاصةً أنَّ الخطورة تكمن هنا في أنَّ الدولة لا تملك قدرة التعامل مع مصارف لبنانيّة تجاريّة لإجراء مثل هذه التحويلات من دون المرور بالمصرف المركزي، باعتباره مصرف الدولة قانوناً والقيِّم وحدهُ على جميع عمليّاتها الماليّة، ولاسيّما أنّهُ لا يمكنها قانوناً فتح أي حسابات مصرفيّة خاصّة بها خارج مصرف لبنان الذي يوجد لديها فيه حسابها الخاص بها والذي يحمل رقم 36.

إزاء هذه المشكلة، نقلت الوسائل الإعلامية عن وجود توجّه لدى الحكومة اللبنانية بإقالة الحاكم في ظل مثابرتهِ على رفض الاستقالة طوعًا وذلكَ لتدارك الأمور والعواقب الوخيمة مسبقاً، لأنّهُ أصبحَ من الثابت واقعياً أنَّ بقاءه في مركزهِ في ظل وجود مذكّرة اعتقال دولية بحقّه تتعلق بتهم فساد مالي وتبييض أموال عبر استخدام النظام المصرفي الأوروبي، سوفَ يُؤثّر حتماً على سمعة لبنان أمام المصارف العالمية وسيرتد سلباً على مستوى التعامل المصرفي مع العديد منها وهو الأمر الذي فتح النقاش القانوني مجدداً حول مدى صلاحية الحكومة في اتخاذ مثل هذا القرار بحق الحاكم بدون قرار قضائي مبرم يُثبِت ادانته ولا سيَّما في ظل وضعها الدستوري الحالي بحُكم كونها حكومة تصريف أعمال نتيجة اعتبارها مستقيلة منذُ بدء ولاية مجلس النواب الحالي.
وللإجابة البحثية على هذه الإشكالية القانونية، لا بدَّ من التعريج بدايةً على أحكام قانون النقد والتسليف الناظم لمركز حاكم المصرف المركزي للبحث فيه عن النصوص التي ترعى المسألة المُنوَّه عنها أعلاه وربطها ومواءمتها ومضاهاتها ببعضها البعض، كونها تؤلِّف روحاً قانونية واحدة، كي يصار من بعد ذلك الى الغوص في تحليل هذا النصوص وتأويلها وفقاً لأسبابها الموجبة، توَسُّلاً لاستنباط النية الحقيقية للمشترع في هذا الشأن; اذ أنَّ تلك النيّة التشريعية لا تقف عند حدود ظاهر النص لفظياً، باعتبار أنَّ منهجية تفسير وتحليل النص القانوني تستوجب الشروع بعملية الدراسة العلمية الدقيقة له وتحليل عناصره الأولية قانونياً وبنيوياً واستقراء غايات المشترع فيه، بهدف الوصول الى الصورة التي تعكس حقيقةً منطوق ومضمون النص والذي على أساس ذلك يتحدد مدى احتمال دخول الفرضيات المثارة في حُكم النص وخاصةً أنَّ التشريع ليس مجرد نصوص، بل هو دلالات ومعانٍ تُستنتَج بطرق متعددة منها: عبارات النص وإشاراته ومفهوم الموافقة والمخالفة والنيّة الصريحة والضمنية والمفترضة للمشترع وترجيح المعنى الذي يجعل من النص ذي مفعول على المعني الذي يبقيه دون مفعول وغيرها من تقنيات التفسير القانوني.

عودٌ على بِدء وحولَ النقطة المثارة موضوع الإشكالية القانونية، تنص المادة 18من قانون النقد والتسليف الناظم لمؤسسة المصرف المركزي على أنَّه:"يُعيَّن الحاكم لست سنوات بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء، بناءً على اقتراح وزير المالية "; في حين أن المادة 19 منه تنصّ على أنَّه:" فيما عدا حالة الاستقالة الاختيارية، لا يمكن اقالة الحاكم من وظيفته الاَّ لعجز صحي مثبت (بحسب الأصول) أو لإخلال بواجبات وظيفته في ما عناه الفصل الاول من الباب الثالث (من قانون العقوبات)، أو لمخالفة أحكام الباب عشرين (من قانون النقد والتسليف)، أو لخطأ فادح في تسيير الأعمال ".

ويتضّح جلياً من ظاهر النص المشار اليه أنَّ المشترع الذي فرضَ صيغة شكلية لتعيين حاكم المصرف المركزي، قد حدَّد أيضاً الحالات الأربعة لإقالته على سبيل الحصر وهي حالات ضيّقة واستثنائية ومشار اليها صراحةً في متن النص المذكور وتتمثّل بما يلي:
o الحالة الأولى: العجز الصحي الثابت أصولاً.
o الحالة الثانية: الاخلال بالالتزامات الوظيفية وفق أحكام قانون العقوبات.
o الحالة الثالثة: مخالفة أحكام المادة 20 من قانون النقد والتسليف التي توجب التفرغ كلياً للعمل في المصرف المركزي وعدم الجمع بين الوظيفة فيه وأي نشاط في أية مؤسسة مهما كان نوعها وعدم الاحتفاظ أو أخذ أيَّة منفعة في مؤسسة خاصة.
o الحالة الرابعة: الخطأ الجسيم في ادارة أعمال مصرف لبنان.


ومن نافل القول قانوناً بأنَّهُ إذا كان من المُسلَّم به فقهاً واجتهاداً أنَّ اقالة الحاكم يجب أن تتم بمرسوم يُتخّذ في مجلس الوزراء شرط أن يكون ذلكَ بناءً على اقتراح من وزير المالية، وفق الصيغة الشكلية عيّنها لتعيينه، عملاً بقاعدة "توازي الأصول والصيَّغ والشكليات"، الاَّ أنَّ السؤال الجوهري الذي يطرح على بساط البحث هو معرفة ما إذا كان يمكن اقالة الحاكم وفق تقدير مجلس الوزراء لأسباب الإقالة المحددة بالنص التشريعي أو وفقاً لقرارٍ قضائي في هذا الصدد.

وللجواب على هذا التساؤل، لا بدَّ من في الواقع إدراك النيّة الحقيقية للمشترع في هذا الشأن وفقاً لأصول المنطق القانوني.

وبعدَ دراسة وتحليل لهذا النص، وجدنا أنَّ الأمر يختلف باختلاف حالة الإقالة وبالتالي كل حالة تستوجب حُكم قانوني مختلف عن الاخر.

• ففيما خصَّ إقالة الحاكم لعجزٍ صحي، فأنَّ هذا الأمر لا يستوجب في الواقع سوى استثباتهِ أًصولاً بتقريرٍ طبي صادراً عن لجنة طبية مختصّة محلّفة ومكلّفة في هذا الشأن من وزير المال بكون الاقتراح بالعزل يصدر قانوناً عنه ودونما حاجة لأي قرارٍ قضائي، باعتبار أنَّ العجز المرضي الثابت للعيان بتقرير طبي مجرى أصولاً هو في هذ الحالة كالثابت بالبرهان بحكمٍ قضائي ولهذا لا يستوجب الأمر لزوم تدخل قضائي لا يمكن أن يُقدِّم بنهاية المطاف سوى ما يخلص اليه تقرير الخبرة الفنية في هذا الشأن، باعتبار هذه المسألة محض فنية، غير متخصص القضاء في تفاصيلها وهو ما يعني بالنتيجة أنَّ الحكم القضائي سيعتمد في هذه الحالة على الرأي الفني للجنة الطبية المماثلة لتلكَ التي قد يكلّفها وزير المال من أجل استثبات الحالة الصحية للحاكم عبر الكشف السريري عيله وهو الأمر الذي يجعل من إمكانية اقالته عبر الحكومة جائزاً بالاستناد لتقرير الخبرة الفنية فقط الذي يفيد بعجزه الصحي، شريطة أن يفيد صراحةً هذا التقرير بأنَّ العجز الصحي دائم أو أقلّهُ عجزٌ عقيم قد تمتد فترة علاجه لفترة طويلة وبشكلٍ يصبح الحاكم معه غير قادر عملياً على أداء الوظيفة المناطة به.

• وفيما خصَّ اقالة الحاكم للإخلال بالواجبات الوظيفية وفق ما عناه قانون العقوبات، فأنّهُ لإقالته في هذه الحالة لا بدَّ من صدور حكم جزائي مبرم في هذا الشأن، باعتبار أنَّ المشترع بربطه صراحةً هذه الحالة بالشريعة الجزائية يكون منطقياً قد أخذ بعين الحسبان وجوب صدور حكم جزائي مبرم عن القضاء من أجل امكانية اقالة الحاكم من الحكومة وخاصةً أنَّ المتهم يبقى وفق المبادئ العامة لقانون الجزاء محمياً بقرينة البراءة لغاية صدور حكم مبرم معاكس.

• وفيما خصَّ اقالة الحاكم لمخالفته المادة عشرين من قانون النقد والتسليف وانشاء المصرف المركزي، فأنّهُ اقالته تستوجب أيضاً صدور حكم قضائي مبرم يُثبِت انتهاكه فعلاً لأحكام المادة المشار اليها وخاصةً في حال نفي الحاكم حصوله على أيّة منفعة ذاتية من أيّة مؤسسة خاصة، باعتبار أنَّ الأمر يستوجب في هذه الحالة اجراء تحقيق قضائي وفقاً للأصول القانونية، يتم بمقتضاه مراعاة حقه في الدفاع عن نفسه بخصوص هذه التهمة المنسوبة اليه والتي تنال من سمعته الشخصية وتتعارض مع واجباته الوظيفية.

• وفيما خصَّ اقالة الحاكم لخطأ فادح في تسيير الأعمال، ففي هذه الحالة الخاصة، يمكن للحكومة اقالته كسلطة تعيين وظيفية بمجرد تقديرها للوضع الناجم عن اقتراف الحاكم لمثل هذا الخطأ الجسيم ودونما حاجة لحكمٍ قضائي في هذا الشأن وذلكَ أقلّهُ للأسباب التالية:

1- لم يعطف المشترع في حالة الإقالة لعلّة الخطأ الجسيم على أي قانون، بعكس ما فعل بالنسبة لحالتيّ الإقالة المتعلّقة بالإخلال بالواجبات الوظيفية ومخالفة أحكام قانون مصرف لبنان والذي عطف بشأنهما على قانون العقوبات وقانون النقد والتسليف واللذان يستوجبان لِزاماً حكماً قضائياً بشأنهما، في دلالةٍ واضحة منه على عدم توجّب حُكم القضاء في حالة الخطأ الجسيم، بعكس الحالتيّن المشار اليها.

2- تعمّدَ المشترع ذكر حالة الإقالة لخطأ فادح على حدّة ولم يربطها بحالة الاخلال بالواجبات الوظيفية، رغم أنَّ حالة الخطأ الوظيفي تشكّل بمفهومها وطبيعتها القانونية اخلالاً بالواجبات الوظيفية ولكنَّ المشترع شاءَ وفق منطوق النص التنويه عن هذا الخطأ الفادح بصورة مستقلة على حدَة وذلكَ لنيَّة باطنية ومفترضة لديه تتجلّى في ترك حولَ هذه الحالة بالذات هامش للسلطة التنفيذية في تقدير الأمر وفق قناعتها الخاصة دونما حاجة لقرارٍ قضائي وخاصةً متى ما كان الخطأ جسيماً من شأنّه أن يؤثّر سلباً على مالية الدولة ككل وذلكَ بالنظر لأهمية عمل الحاكم في مصرفها المركزي، ناهيكَ عن أنَّ الاخلال العادي بالواجبات الوظيفية يعني الفشل في أداء المهام المهنية، بينما اقتراف الخطأ الجسيم يتعدّى الفشل والاهمال الى مسألة أكثر خطورة، يستوجب بالضرورة تدارك سريعاً نتائجها قبل تفاقمها وذلكَ بإقالة المسؤول عنها فوراً وتعيين بديلاً عنه في المنصب الوظيفي، لمعالجة على عجالة تبِعات خطئهِ الفادح، دونما حاجة لانتظار إجراءات المحاكمة القضائية الطويلة التي قد تساق بحقهِ وهو الأمر الذي يفسِّر سبب عدم تحديد المشترع للضوابط بصورة واضحة حول هذه الحالة المستقّلة عن غيرها في متن النص، باعتبار أنَّ الخطأ الجسيم قد يتّخذ صوَراً متعددة لا يمكن حصرها ولترك الأمر للسلطة التعيين بتقدير الأمر في هذا الصدد بلا شرطٍ أو قيدٍ مسبق وسيما أنَّ الخطأ الجسيم تدلِّل عليه عادةً أفعال صارخة ومسيئة جداً وبشكل لا تكون فيه تلكَ السلطة بحاجة لحكم يثبِت فداحته الثابتة وفق ظاهر الحال.

3- انَّ الحكومة هيَ بنهاية المطاف السلطة المكلَّفة بالتعيين والتي يبقى من صلاحيتها اصدار مرسوم العزل وبالتالي لا يمكن أن يجعل المشترع من دورها مقتصراً فقط على تقرير الإقالة حال ثبوت قضائياً حالة الخطأ الجسيم من الحاكم وذلكَ بالنظر لجسامة الخطأ المقترَف من مركزٍ قانوني هام جداً والذي يشكِّل هذا الخطأ -بالنظر لطبيعته واثاره- حالة خطرة على المصرف المركزي للدولة، ولذلك لا يمكن تجريدها من صلاحيتها الاستنسابية في عزل الحاكم في حالة الخطأ الثقيل وخاصةً أنّهُ لا يوجد هيئة مسلكية مناط بها تقدير جسامة خطأ الحاكم وتقرير اتخاذ الإجراءات التحفظية التي تحمي المصرف المركزي من تداعياته الوخيمة وسيما أنَّ الخطأ الوظيفي الفادح في تسيير الأعمال هو ذلكَ الفعل الجسيم غير المبرَّر وغير المغتفر الذي له علاقة بسير المؤسسة والوظيفية وصالحها والذي يجعل من الغير الممكن الاحتفاظ بالعلاقة الوظيفية مع مرتكبه.

4- انَّ ربط إقالة الحكومة لحاكم المصرف المركزي في حالة الخطأ الجسيم بشرط توجٌّب الحكم القضائي المثبِت له، في الوقت الذي نصَّ فيه المشترع على هذه الحالة بصورة مستقلة عن باقي حالات الإقالة ودونَ وجود عبارة تشريعية تؤكّد على وجوب هذا الحُكم القضائي في هذه الحالة -كما نصَّ بالنسبة لإقالة مفوضي المراقبة لدى مصرف لبنان بنص المادة 186 من ذات القانون- ودون عطفها على الشريعة الجزائية كما فعلَ في غيرها من الحالات الأخرى، يعني ذلك تحميل النص القانوني في هذا الشأن أكثر ممّا يحتمل ولاسيمّا أنَّ العِبرة تشريعياً تكمن في المقاصد والمعاني وليس في الألفاظ والمباني وهو ما يوجب ترجيح روح النص على ظاهره حين تفسيره وخاصةً اذا ما كان من الممكن تأويله الى معنييّن، اذ يجب حينها أن يُؤخذ أشدهما انطباقاً على الغرض المقصود من النص، والذي هو تدارك الأمور في مصرف الدولة بإقالة الحاكم بصورة عاجلة في حالة الخطأ الجسيم وتعين بديل له وهو الأمر الذي لا يمكن حصوله في حال القول بتوجّب الحكم القضائي المبرم المسبَق والذي لا يتحقق الاَّ بناءً على محاكمات طويلة متعددة المراحل القضائية من بداية واستئناف وتمييز وخاصةً أنَّ السلطة التي تعيّن تستطيع أن تقيل ويكون لها حق تقدير وتقرير ذلك بمجرد توافر أحد أسباب الإقالة غير المشروطة قانوناً صراحةً بأي شيء في حالة الخطأ الجسيم.

وعليه، اذا ما تراءى للحكومة وفق ظاهر الحال أنَّ حاكم المصرف المركزي مقترف لأيّ من الأخطاء الجسيمة في تسيير الأعمال، فأنَّ ذلكَ يتيح لها -كسلطة تنفيذية مناطٌ بها السهر والاشراف على كل أجهزة الدولة بحسب البند 2 من المادة 65 من الدستور- حق اقالته قانوناً بناءً على اقتراحٍ من وزير المالية، عملاً بقاعدة تقابل الأشكال والاجراءات Parallélisme des formes بينَ قراريَّ التعيين والعزل، ودونما حاجة لأي حكم قضائي في حالة الخطأ الجسيم Faute grave والتي هي الحالة المستقلَّة غير المشروطة بأي شيء في النص الخاص المتعلق بأسباب اقالة مَن يشغل منصب محافظ المصرف المركزي وخاصةً متى ما كان الخطأ الفادح لا يلحق الضرر بالاقتصاد الوطني وبمكانة الدولة المالية فحسب، بل يسيء دولياً الى المركز المالي الحيوي الهام الذي يتبوَّأه وهي خطوة تفرض نفسها على الحكومة في حالة ملاحقته قضائياً سواء داخلياً وخارجياً بجرائم شائنة تتعلق باختلاس أموال عمومية وتبييضها عبر أنظمة مصرفية وصدور بحقه مذكرات اعتقال في هذا الشأن، باعتبار أنَّ مثل هذه الإقالة الفورية حكومياً تبرِّرها في هذه الحالة مقتضيات المصلحة العليا للدولة Raison d'ETAT وتفرضها أيضاً حالة الخطر الشديد الداهم الذي قد ينتج عن اقدام المصارف الأجنبية المراسلة من التوقّف عن التعامل مع أي مراسلة ستحمل توقيع حاكم المصرف المركزي المطلوب القبض عليه نتيجة انهيار الثقة المصرفية في شخصه، بما يستوجب ذلكَ بالضرورة استمرار حماية ثقة تلك المصارف المراسلة بالمصرف المركزي عبرَ الشروع بإقالة وتغيير حاكمه المشتبه به قضائياً ودونَ أن يُغيّر في الأمر شيئاً الوضعية الدستورية للحكومة الحالية، باعتبار أنَّ الإقالة لا تُسهم اطلاقاً في ترتيب أيّة أعباء مالية جديدة على الدولة وخاصةً أنَّ الضرورات تبيح في الأصل المحظورات وهي ضرورة ترتبط بطبيعة الحال بالنظام العام لحفظ الصالح العام للدولة وذلكَ بتجنب في الاقالة الأخطار والمحاذير ذات التَبِعات الوخيمة لها على المستوى الدولي.

وغنيٌّ عن البيان، أنَّهُ اذا كان للسلطة التنفيذية المُقيلة حق استنساب في تقدير توافر حالة الخطأ الجسيم من عدمها على حاكم المصرف المركزي، فأنهُ مع ذلكَ يبقى قانوناً له أن يقاضي الدولة بطعنه بمرسوم اقالته كقرار اداري نافذ وضار بحقه وذلكَ أمام مجلس شورى الدولة ككقضاء اداري عن الخطأ في التقدير وأن يطالبها بالتعويض عنه جبراً للضررين المادي والمعنوي اللاحق به، في حال قضى القضاء المذكور بسوء تقدير الحكومة للخطأ الفادح الذي الَ الى اصدار قرار عزله...

كل شعب في العالم ينال الحكومة التي يستحقها...هكذا قال ونستون تشيرشل... وقولهُ الحق!!!

يلفت موقع "اللبنانية" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر الّا عن وجهة نظر كاتبه او مصدره.

 

مقالات مشابهة

خاص- هكذا تستهدف إسرائيل قدرات حزب الله

خاص- تغيير الوضع الراهن بين إسرائيل ولبنان: الخيارات الأمريكية

خاص- إيران تستعد للضربة المنتظرة ضد اسرائيل.. تقرير يكشف

خاص- عمليات حزب الله تحولت الى نوعية.. كم عسكري اسرائيلي قتلت؟

خاص- تقارب محتمل بين الإمارات وحزب الله؟

خاص- اقرأوا هذه التفاصيل.. هكذا تستعدّ إسرائيل للحرب مع "الحزب"

خاص- أسلحة أميركية جديدة إلى إسرائيل

خاص- الولايات المتحدة قلقة على لبنان من إسرائيل.. لماذا؟