يومية سياسية مستقلة
بيروت / °19

فرنسا تستظل بعباءة البطريرك ترميماً لعلاقتها بـ"المزاج"المسيحي

Wednesday, May 17, 2023 7:31:27 PM

بقلم دنيز عطالله - المدن

ماذا لدى البطريرك بشارة الراعي ليقوله في زيارته إلى العاصمة الفرنسية المتوقعة قريباً؟ وماذا سيقول له الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون؟ واستطراداً، هل يمكن للطرفين تحقيق أي إنجاز في الشؤون اللبنانية المعقدة، من رئاسة الجمهورية، مروراً بالأزمة الاقتصادية وما يرتبط بها من ملفات فساد، وليس انتهاءً بقضية اللاجئين السوريين، التي تتحول هاجساً لدى بكركي.

رغبات وقدرات وتاريخ
يُنقل عن البطريرك الراعي أنه سيذهب إلى فرنسا "مستمعاً أولاً، وإن كانت ملفات الساعة اللبنانية وثقل تبعاتها ستفرض نفسها على كل لقاء، سواء في فرنسا أو مع أي مسؤول في الداخل أو الخارج".
فرنسا هي من بادرت ووجهت دعوة للبطريرك لزيارة باريس. وبالتالي، لا شك أن لدى الرئاسة الفرنسية ما تقوله للبطريرك، ومن خلاله، على الأرجح، إلى المسيحيين عموماً.
فغداة دعم فرنسا لترشيح سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية اللبنانية، بدا وكأنها تقف في مواجهة غالبية الرأي العام المسيحي غير المتحمس لفرنجية.
تزعزت صورة "الأم الحنون" التي طالما حاول المسيحيون اعتبار أنفسهم من "رعاياها". وسواء صح ما يتم تناقله عن كتاب أرسلة الملك لويس التاسع إلى الموارنة عام 1250 يعتبر فيه "هذه الأمة التي تعرف باسم القديس مارون جزء من الأمة الفرنسية"، أو أن هذا الكتاب ابتداع متأخر في الزمن الحديث، لاستكمال الأسطورة المؤسسة للبنان، وعلاقة المسيحيين، تحديداً الموارنة، بالغرب. فالثابت أن المسيحيين حرصوا باستمرار على نسج أعمق وأقدم الروابط مع فرنسا و"الانتساب" بطريقة أو بأخرى إليها وإلى ثقافتها.
و"الحرية" هي الأقنوم الأول من أقانيم الثقافة والثورة الفرنسية. لذا، لم يهضم المسيحيون أسلوب الفرض الذي اعتمدته فرنسا في تسمية المرشح لرئاسة الجمهورية اللبنانية. فرضٌ كشف بوضوح تقديم فرنسا مصالحها الاقتصادية على حساب ما يراه معظم المسيحيين -ولو كل فريق حسب وجهة نظره- مصالحهم الوطنية.

في فيئ عباءة البطريرك
في هذا الجو من التشكيك والانزعاج من الدور الفرنسي وحساباته، سيتوجه الراعي إلى باريس. في الشكل، يعيد ماكرون إبراز حرصه على أفضل العلاقات مع المسيحيين، وتحديداً مع بكركي. وقد بدا لفترة طويلة وكأن فرنسا تُهمّش دور الصرح البطريركي المواظب على الصلاة السنوية "على نية فرنسا".
أبعد من الشكل، يمكن لماكرون والراعي أن يتفقا على تعزيز الفرانكوفونية في المدارس الكاثوليكية. يمكنهما أن يستعيدا تاريخ العلاقة مع الكنيسة المارونية. ويمكن للراعي أن يستفيض في الحديث عن أزمة اللجوء السوري وتأثيرها على الديموغرافيا، وأن يتناول هجرة الشباب والأزمة الاقتصادية وواقع انهيار القطاعات والفساد المستشري وغيرها من الملفات اللبنانية "المعولمة".
ولكن ماذا سيجيب الراعي ماكرون عندما يسأله عن رئاسة الجمهورية؟ بمَ يرد عليه حين يفند أسباب ترشيح فرنجية ويبرره ويدافع عنه؟
الراعي الذي يساوي بين "أبنائه" المرشحين، قد يشرح تعقيدات الواقع المسيحي، وفي أقصى الحالات قد يحيل الرئيس الفرنسي إلى لائحة أسماء "وسطية" قد يلتقي عليها اللبنانيون.
يريد الراعي رئيساً بأي ثمن. فالفراغ، بالنسبة إليه، مدمّر. لذا يحرص على تزكية مواصفات، بعضها فضفاض أحياناً، وقد لا تتلاقى مع انتظارات جزء واسع من الرأي العام المسيحي.
لذا، في واقع الحال، فإن الأحزاب والقوى المسيحية تحاول البقاء على مسافة من بكركي في هذا الزمن الرئاسي. لا أحد يريد أن يختلف معها أو يبدو وكأنه يخالف إرادتها، لكن لا أحدَ أيضاً يريد الاقتراب بما يكفي وتسليم أوراقه لبكركي. كل الأفرقاء يبحثون عن دعم بكركي لمرشحهم، ولكن يصعب عليهم تقبّل أن تسمي بكركي مرشحاً فيدعمونه. والفرق كبير.
ليس هذا الحال مستجداً في "الصراع" الدائم بين القيادات السياسية المسيحية والصرح البطريركي، الذي يحاول باستمرار أن ينسحب إلى إرساء الخطوط الوطنية والاكتفاء بالتذكير والتمسك بها. لكنه يجد نفسه، في كل مرّة في صلب الحراك السياسي وخياراته وانحيازاته.
وها هي فرنسا بدورها، تحاول أن تستظل بعباءة البطريرك، لتقول إنها لا تفرض رئيساً على المسيحيين قد يعاكس "رأيهم العام".

يلفت موقع "اللبنانية" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر الّا عن وجهة نظر كاتبه او مصدره.

 

مقالات مشابهة

خاص- تغيير الوضع الراهن بين إسرائيل ولبنان: الخيارات الأمريكية

خاص- إيران تستعد للضربة المنتظرة ضد اسرائيل.. تقرير يكشف

خاص- عمليات حزب الله تحولت الى نوعية.. كم عسكري اسرائيلي قتلت؟

خاص- تقارب محتمل بين الإمارات وحزب الله؟

خاص- اقرأوا هذه التفاصيل.. هكذا تستعدّ إسرائيل للحرب مع "الحزب"

خاص- أسلحة أميركية جديدة إلى إسرائيل

خاص- الولايات المتحدة قلقة على لبنان من إسرائيل.. لماذا؟

خاص- كيف ساعدت الدول العربية في التوصل إلى قرار لوقف إطلاق النار في غزة؟