يومية سياسية مستقلة
بيروت / °13

أحكام وقرارات غبّ الطلب تهدد الجسم القضائي

Tuesday, May 16, 2023 2:35:43 PM





بقلم د. الياس حسون

برزت في الآونة الأخيرة معالم فقدان السيطرة داخل النظام القضائي، إن من ناحية التصرفات المشبوهة لبعض القضاة ضاربين بعرض الحائط مبادئ المناقبية والاستقلالية والسراط المستقيم، أو من ناحية التعاميم العشوائية الغير قانونية دستورياً وإدارياً الصادرة عن مراجع حكومية اتسمت فترة محكوميتها بالتقلبات والمساومات ما يؤكد ارتباطها العضوي والعقائدي بالجهة السياسية التي زكّتها إلى الحكم، كلّ هذا يدل وبوضوح على معالم فقدان السيطرة على جهازٍ يعدّ ركناً أساسياً للدولة، ألا وهو الجسم القضائي.
أمام هيبة ووقارة قرارات المجلس التأديبي بالحكم في إقالة قاضٍ، مقابلةً بالقيود الصارمة على حريات القضاة الصادرة عن المرجع الرسمي الغير مختص والفاقد للصلاحية، ضربةً مدويةً تنسف روحية الدستور من جهة تقديسه لمبدأ استقلال القضاء الذي يعد المدماك الأساس لهدف ورمز القانون والعدالة في لبنان، أم لناحية التعدي على صلاحيات المؤسف أن من يرتكب هذه المخالفات سبق له وأن اكتسب التنشئة القانونية الكافية والصحيحة قبل أن يصار إلى تعيينه في مركزه الحالي.
بحيث أتت تلك التعاميم العشوائية التي يُطلب بموجبها من القضاة الإستحصال على إذن مسبق من "السلطة المختصة" قبل الظهور أو التعبير عن آرائهم في وسائل الإعلام أو على أي منصة أخرى، أما التعميم الثاني وهو الأكثر خطورة، وُيلزمهم الحصول على إذن مسبق من "وزيرٍ في الدولة" قبل مغادرة البلاد، ويٌحظَر علىيهم الاتصال مباشرةً بأية سفارة أو منظمة أو جمعية حكومية أو غير حكومية فيما يتعلق بمشاركتها في ندوات أو ورش عمل، في لبنان والخارج، أو لأي سبب آخر، قبل أن تقدم الجهة الداعية طلباً إلى "وزيرٍ في الحكومة"، مهدداً القضاة باتخاذ إجراءات تأديبية في حالة "المخالفة".

وبناءً على ما تقدم، وأمام هذه التصرفات، خرجت أصوات تندد وتنذر بالأسوأ فكان للجنة الحقوقيين الدولية الرأي الأكثر صرامةً بحيث أكدت أنه يجب على السلطات اللبنانية التوقف عن مضايقة القضاة الذين يعملون بشكل مستقل، كما يجب عليها فوراً إلغاء القيود غير الضرورية وغير المتناسبة التي فرضتها على حرياتهم.
كما أكد مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في محكمة العدل الدولية سعيد بن عربية،: "إن مثل هذا التقييد الشامل للحق في حرية التعبير والحق في حرية التنقل للقضاة اللبنانيين غير قانوني بموجب القانون والمعايير الدولية لحقوق الإنسان". فبدلًا من تكميم أفواه القضاء، على السلطات اللبنانية اعتماد الإصلاحات التي طال انتظارها والضرورية لدعم استقلال القضاء في البلاد".
ويحق للقضاة، شأنهم شأن أي شخص آخر، التمتع بحرية التعبير وحرية التنقل. وفي حين أن القيود المفروضة على ممارسة القضاة لهذه الحريات قد تفرض لغرض وبالقدر اللازم لضمان استقلال ونزاهة القضاء، يجب أن تكون هذه القيود قانونية، ومتناسبة مع المصالح العامة الأساسية المشروعة المحددة بدقة، وضرورية ومتسقة مع الحقوق الأخرى المعترف بها بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان وعلى العكس من ذلك، يفرض التعميمان رقم 352 ورقم 348 قيوداً فضفاضة على حقوق القضاة في حرية التعبير والتنقل، مما يسمح بتدخل السلطة التنفيذية في الوظائف القضائية.
وبموجب المعايير الدولية، تضمن الإجراءات التأديبية ضد المدعين العامين تقييماً موضوعياً وقراراً موضوعياً. ويتم تحديدها وفقاً للقانون ومدونة قواعد السلوك المهني وغيرها من المعايير والأخلاق المعمول بها.
حيث لا يمنع من تسليط الضوء على ما ذكرته محكمة العدل الدولية أن النظام اللبناني القائم لتأديب القضاة والمدعين العامين ومعاقبتهم يشمل "مخالفات تأديبية" يتم تعريفها بعبارات غامضة وفضفاضة للغاية ولا يوجد شرط للتناسب بين العقوبات المفروضة وسوء السلوك المزعوم، مما يترك سلطة تقديرية واسعة جداً لمجلس التأديب، وعلاوة على ذلك واستناداً إلى قراراتٍ صدرت عبر التاريخ بالغضافة غلى طريقة تعيين أعضاء المجلس بحيث يطرح علامة استفهام عن مدى افتقاره في بعض الأحيان إلى الضمانات الكافية للإنصاف واحترام المعايير الدولية المتعلقة باستقلال القضاء ونزاهته، وبالتالي لا يحمي القضاة من القرارات التعسفية.
وأخيراً، لا يمكن عدم التطرق إلى خطوتين ترتبطان ببعضهما وكأن خريطةٍ سياسيةٍ تُحكى في الأفق، الأولى سحب المدعية العامة شكواها بوجه نائب في البرلمان، والثانية عنفوان وزيرٍ مسيس كدلالة على مدّ يد التعاون مع افرقاء سياسية أخرى خدمةً لتقريب وجهات النظر في الاستحقاقات المطروحة على الساحة وهذا ما يؤكد تخوفنا من مبدأ اغتصاب السلطة لخدمة أهداف سياسة بحته.

يلفت موقع "اللبنانية" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر الّا عن وجهة نظر كاتبه او مصدره.

 

مقالات مشابهة

خاص- الولايات المتحدة قلقة على لبنان من إسرائيل.. لماذا؟

خاص- كيف ساعدت الدول العربية في التوصل إلى قرار لوقف إطلاق النار في غزة؟

خاص- بالأرقام.. كم بلغ عدد الصواريخ التي تم إطلاقها من لبنان نحو إسرائيل

خاص- حماس تعلّمت من حزب الله.. كيف؟

خاص- بشأن الهجوم على حزب الله.. هذا ما كشفه استطلاع

خاص- المرضى الفلسطينيون يموتون في لبنان

خاص- هل عارض السيد نصرالله مطالب إيران؟

بالأرقام: ماذا أوضح الجيش الإسرائيلي عن هجماته على الحزب؟