يومية سياسية مستقلة
بيروت / °19

المسيحيون بين علقم التسوية ومرّ السؤال:أين يقع قصر المهاجرين؟

Wednesday, May 10, 2023 6:31:11 PM

بقلم دنيز عطالله - المدن

تبدو التطورات السياسية في المنطقة والعالم ثقيلة الوطأة على الكثير من مسيحيي لبنان، وللدقة، على الفريق "السيادي"، وفق التوصيفات المعتمدة.
فالنظام السوري يعود إلى جامعة الدول العربية، ويُحتفى به كعودة "الإبن الضال"، فـ"يُلبس أفضل ثوب ويُذبح له العجل المسمّن"، على ما جاء في النص الإنجيلي. ثوب، على جمال مظهره، لا يستر ما علق بجسد النظام من قيح وقبح.
والخوف أن يكون "العجل المسمّن الذي سيذبح له"، هو ما تبقى من إرادة لبنانية مقاومة لتكريس نفوذه مجدداً، بالأصالة أو بوكالة حزب الله الكاملة، على البلد وأهله ومستقبله.
والاستشهاد بالمثل الإنجيلي، يسمح بالتذكير ببعض "طوباوية" ساهمت في تكريس الأسطورة المؤسسة للبنان حتى بدا، في أحد وجوهه، كأنه ترجمة لفعل "إيماني"، وليس بلداُ صغيراً يتلمس هويته السياسية والاجتماعية، ويعاني كل تحديات البلدان الصغيرة واعتلالها.
ومن مظاهر اعتلاله اليوم العجز عن انتخاب رئيس للجمهورية ، وهو رأس الجليد في أزمة أعمق تضرب أسس البلد، وتجعله معلّقاً على خشبة الإرادات الخارجية، ينتظر تقرير مصيره.

على طريقة غوبلز
تصرّ الأحزاب والشخصيات المسيحية المعارضة لانتخاب سليمان فرنجيه على أن "التهويل بقرب دخول فرنجية إلى قصر بعبدا وإعادة عقارب الساعة إلى الزمن السوري أضغاث أحلام الممانعين، ومن أدوات عملهم على طريقة جوزف غوبلز". هي فكرة يقولها كل فريق بلغته وأسلوبه.
لكن، وسط التمسك العلني والصريح لفريق "الممانعة" بالمرشح فرنجية، تبدو تلك الأحزاب والشخصيات مربكة في كيفية تعاطيها مع التطورات، كما مع الأسماء المطروحة. لا يساعدها "التباس" الموقف السعودي المتمسك بمواصفات الرئيس، والاجتهاد في ترجمته بأنه لا يتطابق مع مواصفات فرنجية.
لا يساعدها كذلك ما نُقل عن لقاء السفيرة الفرنسية مع البطريرك بشارة الراعي، وقد أكدت في خلاله، حسب ما علمت "المدن"، "حرص فرنسا على مسيحيي لبنان وأفضل العلاقات مع بكركي ومع "الرأي العام" المسيحي. وهو منطلق أساسي في المبادرة الفرنسية، حفاظاً على الدور المسيحي المؤثر في البلد".
مقابل هذا المفهوم لـ"الحرص"، هناك مخاوف كثيرة عبّر عن إحداها النائب السابق فارس سعيد، فغرّد اليوم قائلاً: "من واجب الموارنة البحث في صياغة خيارات سياسية تتجاوز رئاسة الجمهورية وتطل على أحداث المنطقة ومنعطفاتها الخطيرة. إما نفهم حجم الأحداث ونحجز لنا فيها دوراً بكرامة، وإما ندخل في تحالف أقليات مع علويي سوريا لا يضمن وجودنا إلا قوة عسكرية خارجية، اليوم إيران وغداً.. المجهول".

في ذكرى صفير
وسط هذا الإرباك وإعادة الحسابات والبحث عن مقاربات جديدة في مرحلة شدّ الحبال، تحل، بعد غد الجمعة 12 ايار، الذكرى الرابعة لوفاة البطريرك نصرالله صفير.
مواقف كثيرة يحفظها التاريخ للبطريرك الاستثنائي، لكن يبقى، ربما، جوابه الأشهر ذاك الذي قاله على أرض المطار حين سُئل "متى سنراك يا صاحب الغبطة في قصر المهاجرين؟"، فرد على السؤال بسؤال "وأين يقع قصر المهاجرين؟".
قد يبدو الزمن اليوم مختلفاُ جداُ، وبعيداُ جداُ، عن زمن صفير. لكن تبقى ثابتة أكيدة، أن صفير وقف، لمرحلة طويلة، وحيداً في وجه معظم الداخل والخارج، أعزلَ إلا من قناعاته وحرية ضميره، في مواجهة الاحتلالات والاعتلالات في الجسم اللبناني.
إلى هذه السابقة، وغيرها من سلسلة مواقف عكست "صمود" المسيحيين في وجه التسويات الكبرى على حساب مصالح الصغار، تستند الأحزاب المسيحية ومعها "الرأي العام"، السيادي الهوى، في المواجهة والتحضير للمرحلة الآتية، سواء من موقع الدخول في تسوية متكافئة، أو مواجهة ما تبقى من تحلل فكرة "لبنانهم" الكبير.
وإذا كانت التسوية قد تأتي برئيس مُتوافق عليه يحيي الـ"الصيغة" ويعطيها بعداُ متجدداً، فإن المواجهة، إذا فُرضت، تهدد بتفكك الفسيفساء اللبنانية فلا ينفع بعدها تعداد الهزائم والانتصارات.

يلفت موقع "اللبنانية" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر الّا عن وجهة نظر كاتبه او مصدره.

 

مقالات مشابهة

خاص- تغيير الوضع الراهن بين إسرائيل ولبنان: الخيارات الأمريكية

خاص- إيران تستعد للضربة المنتظرة ضد اسرائيل.. تقرير يكشف

خاص- عمليات حزب الله تحولت الى نوعية.. كم عسكري اسرائيلي قتلت؟

خاص- تقارب محتمل بين الإمارات وحزب الله؟

خاص- اقرأوا هذه التفاصيل.. هكذا تستعدّ إسرائيل للحرب مع "الحزب"

خاص- أسلحة أميركية جديدة إلى إسرائيل

خاص- الولايات المتحدة قلقة على لبنان من إسرائيل.. لماذا؟

خاص- كيف ساعدت الدول العربية في التوصل إلى قرار لوقف إطلاق النار في غزة؟