يومية سياسية مستقلة
بيروت / °13

العدالة ولعنة التاريخ

Friday, May 5, 2023 8:40:53 AM



بقلم حبيب البستاني


محاولات النيل من مدعي عام جبل لبنان القاضية غادة عون لم تنقطع أبداً وذلك على خلفية عملها المتواصل لملاحقة الفاسدين وعلى رأسهم حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وكل أصحاب المصارف والبيوتات المالية المتورطين بسرقة المال العام ولا سيما أموال المودعين، هؤلاء الذين رأووا بأم العين ثرواتهم وجنى العمر تتبخر ب"ليلة ما فيها ضو قمر" كما يقال في الدارج. وكانت محاولات القاضية عون مستمرة بدون كلل أوملل بملاحقة كل المتورطين في عملية سرقة العصر من مصرفيين ومسؤولين ماليين وسياسيين الذين قاموا بالتكافل والتضامن بهذه العملية المافيوزية التي أدت إلى تهريب الأموال إلى خارج الأراضي اللبنانية.
ولقد جاء قرار المجلس التأديبي القاضي بصرف القاضية عون من الخدمة، في إطار فرملة اندفاعة القاضية الشجاعة التي تحدت الجميع من قضاة ورجال مال وساسة من جهة، ومن جهة أخرى بغية إرسال رسالة واضحة لكل من تسول له نفسه تحدي المنظومة القائمة والعمل لإحقاق الحق وإعلاء شأن العدالة.
تصرف مافيوزي
فيما كان كل الناس بانتظار نتائج التحقيقات مع حاكم المركزي وشقيقه إذا بهم يتفاجأون بهذا القرار الذي لا يمكن وصفه إلا بالخنفشاري واللاأخلاقي بحق القاضية الأكثر شجاعة على كامل الأراضي اللبنانية. لقد سبق للمافيا في مختلف أنحاء العالم ومنها على سبيل المثال لا الحصر في إيطاليا حيث كان القاضي جيوفاني فالكوني يلاحق المافيا الصقلية الكوزا نوسترا والذي تم اغتياله على يد هذه المافيا في 23 أيار 1992.
ومن غرائب الكون أن يقوم بعض من في القضاء اللبناني المفروض بهم الدفاع عن القاضية عون وحمايتها أن يقوم هؤلاء بلعب دور المافيا بتصفيتها معنوياً، فما عجزت عنه المافيا المالية السياسية من تنفيذه يقوم البعض بلعب هذا الدور عوضاً عنها.
لن تفلتوا من العقاب
يتوهم المتورطون بقضايا الفساد وسرقة المال العام وأموال المودعين، أنه وبمجرد إزاحة القاضية عون من تحت القوس أنه بإمكانهم الإفلات من العقاب والنفاذ بريشهم، ولكنهم وبفعلتهم هذه فإنهم يساهمون بزيادة عدد المتهمين والمتورطين لا أكثر ولا أقل. فبعض القضاة كان بغنى عن توريط نفسه بهذه المتاهة ولكن ما العمل والتهمة واقعة على أكثر من شخصية وأكثر من جهة وأكثر من قطاع. وإن السقوط سيشمل أكثر من فريق مع تقدم التحقيق القضائي الأوروبي وكشف المتورطين والمتهمين كل المتهمين، فأصبح حال البعض كمن ينادي "أنا الغريق فما خوفي من البلل"
إن سيف العدالة آت ومهما طال الزمن وأنه إذا كان للباطل جولة فللحق ألف جولة وجولة، وإن القاضية عون التي لن تخضع وستظل تمارس عملها بقوة القانون وسيف العدالة وهي التي التجأت إلى القضاء نفسه وذلك طلباً لتمييز الحكم الجائر بحقها، والجميع يريد أن يصدق مع القاضية غادة عون انه هنالك قضاة شرفاء ما زالوا موجودين في البلد.
لعنة التاريخ
ربما تناسى البعض وهو يصدر احكامه الهمايونية أنه سيفلت من حكم العدالة ولكن التاريخ لن يرحم، وأن طلاباً في معاهد الحقوق اللبنانية والعالمية كذلك في معهد الدروس القضائية ممن سيقرأون كل ما صدرمن أحكام بحق القاضية عون، والذين سيتبين لهم وبشكل لا يدعو إلى الشك حجم الإنجازات التي قامت بها مدعي عام جبل لبنان بحق المتورطين. فإذا اعتقد البعض أنه بإمكانه تبرير أحكامه بالخضوع للسلطة المافياوية، فإنه مخطىء وإن مسؤولياته مضاعفة في هذا المجال، وأنه لن ينجو بفعلته هذه من لعنة التاريخ.

يلفت موقع "اللبنانية" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر الّا عن وجهة نظر كاتبه او مصدره.

 

مقالات مشابهة

خاص- الولايات المتحدة قلقة على لبنان من إسرائيل.. لماذا؟

خاص- كيف ساعدت الدول العربية في التوصل إلى قرار لوقف إطلاق النار في غزة؟

خاص- بالأرقام.. كم بلغ عدد الصواريخ التي تم إطلاقها من لبنان نحو إسرائيل

خاص- حماس تعلّمت من حزب الله.. كيف؟

خاص- بشأن الهجوم على حزب الله.. هذا ما كشفه استطلاع

خاص- المرضى الفلسطينيون يموتون في لبنان

خاص- هل عارض السيد نصرالله مطالب إيران؟

بالأرقام: ماذا أوضح الجيش الإسرائيلي عن هجماته على الحزب؟