يومية سياسية مستقلة
بيروت / °19

قطع الأرزاق من قطع الأعناق

Thursday, April 27, 2023 5:24:18 PM



بقلم حبيب البستاني

كلما طال أمد العودة كلما تفاقمت أزمة النزوح وتداعياتها الكارثية على لبنان واللبنانيين، فعدد النازحين السوريين يزداد باطراد شبه يومي، وذلك عائد ليس فقط لدخول أعداد جديدة من النازحين، وهذا ما حصل بعيد الزلزال الذي ضرب قسماً من المناطق السورية، ولكنه ناتج بفعل نسبة الولادات المرتفعة لدى النازحين والتي فاقت تلك المسجلة لدى اللبنانيين. والخوف كل الخوف أنه وفي حال استمر تواجد النازحين في لبنان فإنه من المتوقع أن يفوق عددهم عدد اللبنانيين خلال فترة بسيطة تتراوح بين عشر وخمسة عشر عاماً. ولا سبيل لتعديل هذه الزيادة، فاللبناني بالكاد يتمكن من الزواج بفعل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يعيشها وهو إذا تزوج فإنه قد يأتي بولد في احسن الأحوال.
وهكذا فإنه بات من الملح إيجاد حل لهذه الأزمة، وهذا لن يتم إلا بكسر المعادلة وتقصير أمد هذا الوجود داخل الأراضي اللبنانية. لقد كان الرئيس عون وفي خطاب القسم قد أشار إلى خطورة هذه الأزمة وهو قد طالب من أعلى منبر في خطابه أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة بضرورة عودة النازحين. وإذا كانت معظم القوى السياسية في حينه لم تر الخطر المحدق في لبنان نتيجة النزوح، بل على العكس راحت تتبارى في زيارة النازحين في أماكن النزوح، لا بل ذهبوا إلى أكثر من ذلك وذلك بمهاجمة الرئيس عون والعهد متهمين إياه بالعنصرية والفاشية إلى ما هنالك من نعوت كانت المنظومة الشعبوية تطلقها.
انقلاب السحر على الساحر
أما اليوم فقد انقلب السحر على الساحر وبات كل الذين كانوا يعارضون عودة النازحين باتوا من المنادين بها، وهذا عائد ليس لاستفاقة حسهم الوطني إنما بسبب ما يعانيه المواطنون كل المواطنين من تداعيات هذا النزوح، وبالتالي فإن جمهور هذه القوى وبعد أن كان مضللاً بفعل المواقف السياسية لزعمائه التي لم تتسم إلا بالكيدية السياسية لا أكثر ولا أقل، هذا الجمهور بدأ يطالب هؤلاء الزعماء بتغيير مواقفهم وهذا ما حصل، وبتنا نرى التبدل الجزري بمواقف بعض القوى والتي تبنت مواقف معاكسة مئة وثمانين درجة لما كانت تطالب به.
أن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي أبداً
أن يتفق كل اللبنانيين على ضرورة عودة النازحين فهذا أمر جيد، ويشكل أرضية صالحة ينبغي البناء عليها واستثمارها في محاولة إيجاد قواسم مشتركة لمختلف المسائل العالقة في ما بينهم، وأولها مقاربة انتخابات الرئاسة بطريقة إيجابية بدل المضي في طرح الأطر التعجيزية والمطالب الغير موضوعية.
ولكننا وقبل كل ذلك ينبغي علينا التنبه للشعارات الشعبوية التي يطرحها البعض لمقاربة موضوع عودة النازحين، ويخشى أن يقوم هؤلاء بعد أن كانوا من أشد المعارضين للعودة أن يصبحوا من أشد المتحمسين لها ولكن بصورة شعبوية، فالمقاربة الشعبوية قد ينتج عنها لا سمح الله إثارة الغرائز والحساسيات بين اللبنانيين والنازحين، وهذا ما لا يريده أحداً. إن مقاربة موضوع العودة يجب أن يتم وفق خارطة الطريق التي كان قد وضعها فخامة الرئيس عون والتي تقول بضرورة البحث مع السوريين أي النظام السوري بآليات العودة وذلك في سبيل إنجاحها، فالمطلوب حل سياسي للعودة أي الاتفاق على أطر الحل، علماً أنه توجد في سورية مناطق واسعة تنعم بالأمان وبالتالي تضمن العودة الآمنة للنازحين. وكذلك المطلوب أن يكف البعض عن المكابرة ووضع الشروط التعجيزية أمام العودة وليس آخرها المطالبة بتغيير النظام في سوريا بدل العمل على الحل بالاتفاق معه. في الوقت الذي يُعاد فيه تموضع سوريا داخل الأسرة العربية، علينا جميعاً أن نستفيد من هذه المتغيرات الجديدة، وذلك في سبيل تسهيل العودة وذلك في الأمد المنظور كي لا يدخل لبنان بالمحظور.

يلفت موقع "اللبنانية" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر الّا عن وجهة نظر كاتبه او مصدره.

 

مقالات مشابهة

خاص- هكذا تستهدف إسرائيل قدرات حزب الله

خاص- تغيير الوضع الراهن بين إسرائيل ولبنان: الخيارات الأمريكية

خاص- إيران تستعد للضربة المنتظرة ضد اسرائيل.. تقرير يكشف

خاص- عمليات حزب الله تحولت الى نوعية.. كم عسكري اسرائيلي قتلت؟

خاص- تقارب محتمل بين الإمارات وحزب الله؟

خاص- اقرأوا هذه التفاصيل.. هكذا تستعدّ إسرائيل للحرب مع "الحزب"

خاص- أسلحة أميركية جديدة إلى إسرائيل

خاص- الولايات المتحدة قلقة على لبنان من إسرائيل.. لماذا؟