يومية سياسية مستقلة
بيروت / °19

مصدر إلهام

Friday, March 24, 2023 1:58:53 PM





بقلم زياد شبيب _ النهار



انشغل العالم وما يزال بمفاعيل الاتفاق السعودي ال#إيراني الذي بدا أنه ليس بديلاً موفقًا من #الاتفاق النووي فحسب بل علامة أولى في بداية مرحلة جديدة من التاريخ بالنظر إلى ظرفَيْ زمان ومكان توقيعه. والاتفاق النووي الذي طال انتظاره وطال التفاوض غير المثمر على بنوده لم يكن ليؤدي مفاعيل مماثلة بالحجم الذي أدّى إليه الاتفاق الأخير والدليل أن نسخة العام 2015 من الاتفاق النووي بين إيران ومجموعة الدول الخمسة زائد واحد لم تكتب لها الحياة ولم تأخذ الحيز نفسه من المفاعيل.

قد لا يعمّر الاتفاق الأخير وقد يدوم ويُثمر، ولكن مبدأ حصوله عبّر عمّا عبّر عنه من متغيرات تاريخية في المنطقة والعالم. حتى أن الكواكب طالها الأمر وظهر هلال شهر رمضان المبارك في إيران في اليوم نفسه الذي ظهر فيه في #السعودية وفي سائر الدول العربية وفي لبنان وهو أمر لم يحدث منذ سنوات. أما المفاعيل السياسية في لبنان فاقتصرت حتى الآن على الاتفاق على تأجيل التوقيت الصيفي إلى ما بعد انتهاء الشهر الفضيل، لكن هذا التقارب بين المذهبين في شأن الصيام والإفطار لم ينعكس بعد على النواب المسيحيين الذين دُعيوا إلى رياضة روحية بطريركية رئاسية في الخامس من نيسان.

عبارة النواب المسيحيين التي يكثر استعمالها فيها الكثير من عدم الدقة لأن الانتماء الديني ليس ما يجمع بين هؤلاء ويجب ألّا يجمع بينهم وهم لا يمثلون المواطنين المسيحيين فكل واحد منهم "يمثّل الأمة جمعاء" كما يقول الدستور، أما الدعوة إلى نشاط ديني فيجب ألا تكون لها غاية سياسية. كما أن الانتماء الديني لأي سياسي يجب ألا يكون له أي شأن في الخيارات السياسية لأن إدارة الشأن العام وتكوين السلطات الدستورية وفي طليعتها انتخاب رئيس الجمهورية لا علاقة لها بطريقة العبادة وهذه الأخيرة تتعلق بالحياة الآخرة وخلاص النفوس. ورئاسة الجمهورية وإن كان من يشغلها بحكم التوزيع الحالي للمناصب من الطائفة المارونية فهو ليس رئيساً للموارنة ولا رئيساً للمسيحيين وليس النواب المدعوون هم المعنيون فقط بانتخابه أو المسؤولون وحدهم عن التأخير في حصول الانتخاب.

هؤلاء النواب ينتمون دينيًا إلى مذاهب مسيحية متعددة، وسياسياً ينتمون إلى كتل متنافرة ومتناحرة غالباً. وفي الواقع إن كتلهم وأحزابهم تبالغ في محاولة إعطاء نفسها الصفة المسيحية إما لتعويض النقص في التمثيل أو العجز الثابت في القدرة على الإنقاذ أو لإخفاء التموضع السياسي لكل منها لأنها في السياسة والمحاور إما شيعية أو سنيّة، وهذه الحقيقة ربما تتحوّل أمرًا إيجابيًا إذا ترسّخ الاتفاق السعودي الإيراني وبدأت مفاعيله بالتوسّع لتصل إلى لبنان.

ليس المجال هنا لتحليل الاتفاق وقراءة ما كُتب وما لم يُكتب فيه أو ما لم يُعلن من بنود سريّة مزعومة... بل للقول فقط بأنه بالفعل مصدر إلهام. فمن أهم ميزاته أنه فاجأ الدول الكبرى التي ظنت بأن الصراع الإقليمي بين القوتين الأساسيتين إيران والسعودية هو من المعطيات الثابتة التي لن تتغير من دون إذنها أو مسعاها. فإذا بالفريقين يخرجان بالاتفاق من حيث لم تنتظره تلك الدول. هذا النموذج الذي نجح على المستوى الاقليمي يمكن التفكير بمثيله على المستوى المحلي وليس ما يمنع القوى المتناحرة في لبنان من التفاوض والاتفاق على حلّ للأزمات التي يغرق فيها البلد من دون إذن أحد ولا سيما الدولتين المتفقتين إقليمياً، وهذا إن حصل يكون مفاجأة لا يمكن لأحد الاعتراض عليها لا بل يعتبر استجابة للمطالبات الخارجية وإن كانت هذه الأخيرة شكلية.

يلفت موقع "اللبنانية" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر الّا عن وجهة نظر كاتبه او مصدره.

 

مقالات مشابهة

خاص- هكذا تستهدف إسرائيل قدرات حزب الله

خاص- تغيير الوضع الراهن بين إسرائيل ولبنان: الخيارات الأمريكية

خاص- إيران تستعد للضربة المنتظرة ضد اسرائيل.. تقرير يكشف

خاص- عمليات حزب الله تحولت الى نوعية.. كم عسكري اسرائيلي قتلت؟

خاص- تقارب محتمل بين الإمارات وحزب الله؟

خاص- اقرأوا هذه التفاصيل.. هكذا تستعدّ إسرائيل للحرب مع "الحزب"

خاص- أسلحة أميركية جديدة إلى إسرائيل

خاص- الولايات المتحدة قلقة على لبنان من إسرائيل.. لماذا؟