بقلم جانين ملاح
خاص اللبنانية

ودّع مدير عام الامن العام اللّواء عبّاس ابراهيم فريق عمله، والعناصر التي رافقته على مدى اثني عشرَ عاماً خاض خلالها غمار المهام الأمنيّة والسياسيّة محاولاً التّوفيق وعدم العرقلة، لتكون لحظة انتهاء عهده نادرة نسبة إلى عدم التناحر لأجل التّمديد داخل دهاليز الحكومة، إذ أنَّ هكذا مراكز، أي مراكز الفئة الأولى، غالبًا ما تؤدي إلى نزاعات كبيرة، أو حتّى تمرير محسوبيات ومصالح حسب تاريخ لبنان السّياسيّ.

عهد اللّواء ابراهيم

انتهى عهد إبراهيم، إلا أنّه وللمفارقة، ولكي لا يُدخل نفسه داخل طيف المناكفات والتجاذبات، أرسل رسائلاً مبطّنةً إلى القيادات السّياسيّة تفيدُ بأنّه لا يريد أن يكمل، أو أن يُمّدّدَ له، إذ يرى بأن الإنجازات التي استطاع أن يحققها على مدار السنوات لن يشوّهها بدخوله في ساحة التجاذبات والجدلات، خاصةً وأن شخصية اللواء عبّاس ابراهيم بشكل عام هي شخصية غير صداميّة، إذ لا مصالح له مع أحد، ويقف على مسافة واحدة من الجميع.
ابراهيم لم يكن شخصية محبوبة محليًا فقط، لا بل إن الخطوة التي قام بها والتي تتلخص برفضه بشكل كليّ التّمديد له لاقت استحسانًا كبيرًا خارجيًّا، إذ أن أوساط مطّلعة تقول لموقعنا اللّبنانية بأن الفاتيكان قد كان سعيدًا بما قام به اللواء ابراهيم، وأبدى امتنانه لكي لا يدخل لبنان بدوّامة جديدة من الصدامات والمناكفات.
لكن هل عدم التمديد سيقتصر على اللواء ابراهيم فقط؟

حاكمية المصرف

الجردة تطول وتطول، إذ أن مواقع الفئة الأولى والتي هي عرضة للصدام كلّما اقترب موعد تعيين شخصية جديدة قابلة للنفضة أيضًا، إذ أن الدخول بصدام كبير سيدور بحلقة مفرغة لأجل التّمديد للشخصيات الموجودة الذي لا مهرب منها، إلا أن حاكمية المصرف لن تواجه هذا الأمر. فمع العدّ التّنازلي لانتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، فإنّ النّفضة ستشمله أيضًا، إذ أنَّ القوى السّياسيّة التي أبدت موافقتها على التّمديد لسلامة في المرات السّابقة، لن تكون موافقة على هذا الأمر اليوم، خاصةً بعد السّجالات والإتهامات والإتهامات المضادة التي كانت تتقاذفها المجالس الإعلامية للنواب والوزراء على اختلافهم من جهة ولحاكمية البنك المركزي من جهة أخرى.
فعليًا لا يمكن ترك منصب حاكم مصرف لبنان فارغًا، فهذا المركز يُعتبر من أهمّ المراكز التي يتفاوض مع صندوق النّقد الدوليّ، وإن أي تساهل مع هذا الموضوع لن يعود بخير أبدًا على الوضع الإقتصادي في لبنان.

مصادرٌ مطّلعة تقول لموقعنا "اللبنانيّة" إلى أن التّمديد لرياض سلامة ولو أنّه مطروح لن يمر عند دول القرار، خاصةً وأن سلامة يواجه حاليًا وابلاً من الدعاوى سواء داخل لبنان أو خارجه، في ظل العديد من الشبهات حوله. وتضيف المصادر نفسها انه يتوقع ان يتم تبديل سلامة في تشرين الاول بعد انتخاب رئيس للجمهورية.


الملاحقات الكبيرة

النفضة الكبيرة لم تتوقف فقط عند المراكز التي حلّ موعد التّعيين داخلها، لا بل إنَّ نفضة إداريّة كبيرة أطلّت برأسها، وبدأ بها القضاء اللبناني بمؤازرة من القوى الأمنيّة، إذ أنّه بعد صولات وجولات كبيرة استطاعت وأخيرًا القوى الأمنيّة أن تأخذ الضوء الأخضر للبدء بتنفيذ "التنظيفة".. وصورة "العقاريّة" خير دليل على ذلك، إذ أصدر القضاء القرار الظّني الذي يتناول جرائم تمسُّ بالمال العام لجهة التماس رشاوى مالية للقيام بأعمال تتنافى مع واجباتهم الوظيفية، باعتبار أنهم من أصحاب التواقيع في أمانة السجل العقاري ويشرفون على أعمال الموظفين في المكاتب التي تخضع لسلطاتهم، أو بالنظر لفرضهم مبالغ مالية للقيام بعملهم.
وقد شكّل هذا التحرك خضّة كبيرة على مستوى المراكز حسب أوساط متابعة، ترى بأنَّ القرار الذي اتخذ بالقيام بنفضة في المراكز لا يطال فقط المراكز ذات الخلفية السياسية، بل يطال كافة مفاصل الدولة وعملها.

من العقارية، إلى النافعة، فالنفوس، وصولا الى ابمراكز الأمنية وفئات الدرجة الأولى الأمر حسب الأوساط المتابعة اتُّخذ، سواء كان ذلك بتمني صادر عن دول القرار أو بقرارات محليّة ترى بالنّفضة في ظل هذه الأوضاع فرصة للإنطلاق بجديّة في المرحلة الانتقاليّة المقبلة.