يومية سياسية مستقلة
بيروت / °19

مع فشل التفاهمات الثنائية.. التفاهمات الوطنية هي الحل

Friday, January 20, 2023 7:55:25 AM

بقلم الكاتب السياسي حبيب البستاني


عند نشوء دولة لبنان وبعد مفاوضات عسيرة بين الفرنسيين والحركة الوطنية العربية والتي أدت إلى عدم اعتراف الحركة بالكيان اللبناني المستقل، فيما كان المسيحيون يطالبون بتأسيس دولة لبنانية مستقلة ولكن بحماية فرنسية. ومن العام 1930 إلى العام 1943 تبلورت الصيغة اللبنانية وذلك بتفاهم الكبيرين الرئيس بشاره الخوري الذي كان قد وصل إلى سدة الرئاسة ودولة رئيس مجلس الوزراء رياض الصلح، وشكل تفاهم القبعة المتمثلة بالشيخ بشاره والطربوش المتمثل برياض الصلح إلى إعلان ما سمي بالميثاق الوطني اللبناني الذي كان يقوم على المعادلة التالية: من أجل بلوغ الاستقلال، على المسيحيين أن يتنازلوا عن مطلب حماية فرنسا لهم، مقابل أن يتنازل المسلمون عن مطلب الانضمام إلى الداخل السوري العربي. طبعاً لم يعجب الاتفاق الفرنسيين الذين كانوا يريدون الإبقاء على الانتداب مقابل إعطاء لبنان نوعاً من الاستقلال الناقص. وقد تم اعتقال بشاره الخوري ورياض الصلح من قبل الفرنسيين إلى أن توالت الأحداث وصولاً إلى إعلان استقلال لبنان.
لقد شكل التفاهم الثنائي الماروني السني المدماك الأول لبناء لبنان، ولكن هذا التفاهم انتهى ومات في العام 1958 يوم إعلان الثورة على الرئيس كميل شمعون، ودفن في العام 1975 مع ماعرف زوراً بالحرب الأهلية التي كان من أهم وقودها الفلسطينيون.
هذا وقد استبصر العماد عون أهمية الاتفاقات السياسية التي تشكل ضمانة أمتن من الدساتير والقوانين، التي تتقلب وتتغير ممارستها بفعل تغير موازين القوى الداخلية والتفاهمات أو الحروب الإقليمية، وبعد اتفاق الطائف في العام 1989 رأى العماد عون أن هذا الاتفاق لا يشكل ضمانة للبنانيين، وهو لايشكل حلاً أو إطاراً لحل المشكلات السياسية التي قد يتعرض لها لبنان، فالاتفاق وضع بضمانة إقليمية عربية تمثلت بالسعودية، وضمانة عسكرية على الأرض تمثلت بالوجود السوري أو الاحتلال السوري لا فرق، لأن كليهما أديا إلى نفس النتيجة، وهو ما عرف آنذاك باتفاق ال س-س.
وهكذا تولد تفاهم مار مخايل في العام 2006 والذي عقد بين الزعيمين الكبيرين العماد ميشال عون رئيس التيار الوطني الحر وسماحة السيد حسن نصرالله أمين عام حزب الله، وكان الهدف منه إرساء نوع من السلام والوئام في لبنان فيعترف المسيحيون بالمقاومة مقابل أن تدخل المقاومة تدريجياً إلى منطق الدولة.
نجح تفاهم مار مخايل في البداية وأحدث تغييراً كبيراً لدى الجمهور المسيحي والقاعدة المسيحية الأكبر التي أصبحت تؤيد المقاومة من عمق جبل لبنان من كسروان وجبيل والمتن إلى مختلف المناطق اللبنانية، وقد جاءت حرب 2006 لتشكل معمودية النار لهذا التفاهم، حيث فتح المسيحيون أحضانهم وبيوتهم لاستقبال النازحين الشيعة.
في المقابل كان لتفاهم مارمخايل مفاعيله الإيجابية بوصول العماد عون إلى سدة الرئاسة ودخول التيار الوطني الحر إلى مختلف المناطق من الضاحية والبقاع إلى الجنوب.
أما اليوم فالتفاهم وبعد 17 عاماً بدأ يترنح ويواجه صعوبات جوهرية ليس أقلها التباين الواضح في الأجندات السياسية، إن بالنسبة للموضوع الحكومي وميثاقيته، وتبريرات مشاركة الحزب بجلسات لا دستورية، هذه التبريرات التي لم تقنع لا المسيحيين ولا التيار، كذلك لقد شكل تراجع الحزب عن متابعة ملفات الفساد نفوراً لدى جمهور التيار، تارة بحجة عدم معارضة الحليف وطوراً بعدم خلق مزيد من التوتر مع الشارع السني. ناهيك عن مقاربة موضوع الانتخابات الرئاسية التي لم يبلور الحزب بعد موقفاً منها.
إن تفاهم مار مخايل لم يعد فقط بحاجة إلى تعديلات بل أصبح ملحاً الذهاب إلى تفاهمات وطنية مع أكثر من جهة وفريق سياسي، وكان التيار قد بادر إلى نسج تفاهم مع دولة الرئيس الحريري والذي انتهى ولأسباب أقل مايقال فيها خارجية وذلك قبل انتهاء ولاية الرئيس عون.
من هنا فإن الحكمة تقول بضرورة نسج تفاهمات وطنية جديدة مع الجميع من الشيعة إلى السنة والدروز ومختلف القوى السياسية، وذلك ليس فقط لتمرير انتخابات الرئاسة، بل الإتيان برئيس قوي لا يعمل فقط على إدارة الأزمة إنما على قيام ميثاق وطني جديد على صورة وروحية ميثاق 1943.

يلفت موقع "اللبنانية" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر الّا عن وجهة نظر كاتبه او مصدره.

 

مقالات مشابهة

خاص- هكذا تستهدف إسرائيل قدرات حزب الله

خاص- تغيير الوضع الراهن بين إسرائيل ولبنان: الخيارات الأمريكية

خاص- إيران تستعد للضربة المنتظرة ضد اسرائيل.. تقرير يكشف

خاص- عمليات حزب الله تحولت الى نوعية.. كم عسكري اسرائيلي قتلت؟

خاص- تقارب محتمل بين الإمارات وحزب الله؟

خاص- اقرأوا هذه التفاصيل.. هكذا تستعدّ إسرائيل للحرب مع "الحزب"

خاص- أسلحة أميركية جديدة إلى إسرائيل

خاص- الولايات المتحدة قلقة على لبنان من إسرائيل.. لماذا؟