بقلم جانين ملاح
خاص اللبنانية

تحت شعار "الحركة الإصلاحيّة"، تعجُّ بيروت بحركات متوالية ومستمرة لأجل إعادة نبض "اتحاد جمعيات العائلات البيروتية" من خلال انتخاب هيئة إدارية جديدة لا تشبه سابقاتها من الهيئات، إذ أن العمل جار على ضخّ دم جديد من خلال انتخاب هيئة إدارية توافقية تجمع المعارضة والموالاة تحت لواء لائحة واحدة تحقق تطلعات البيروتيين الذين يتوقون للجنةٍ إدارية تُعيد إحياء دورها التقليدي الذي اعتاد عليه البيروتيون.

سياسيًا رؤساء الأحزاب والنواب والمعنيون السياسيّون قد توصّلوا لشبه اقتناع إن لم يكن اقتناعًا كاملاً بأن ما من تدخلات سياسيّة يجب أن تتم خلال تشكيل هذه الهيئة، إذ التمسوا حماسًا كبيرًا من قبل عائلات بيروت لناحية ضرورة إجراء ثورة تعيينية داخل الهيئة من خلال لائحة توافقية تصوّب هدفها على تحقيق لمّ الشّمل للعائلات البيروتية أجمع، مبتعدين كل البعد عن اللوائح التقليدية التي كانت تؤلف سلفًا وتحمل بطابعها لونًا سياسيًًا.

تاريخيًّا غالبًا ما كان الطّابع السياسي يغلب على هذه الإدارة، خاصةً وأن اتحاد جمعيات العائلات البيروتية يضمُّ ما يقارب ٩٣ عائلة، ما يعني تلقائيًّا تدخلاً سياسيًا مباشرًا نسبة إلى ثقل هذا الإتحاد الذي يحمل بمضامينه الكثير الكثير لبيروت، وأهل بيروت وتطلعاتهم.

إلا أن ما يحدث اليوم من جوجلةٍ للأفكار، وترتيبٍ للتغيرات التي ستتعرض إليها إدارة هذا الإتحاد يطرح العديد من النقاط الإيجابية، إذ أن النّفضة أولاً هي بعيدة كلّ البعد عن أي تدخل سياسيّ سواء أكان هذا التّدخل من قبل أكبر التيارات السنية في لبنان، ونقصد هنا تيّار المستقبل وعلى رأسه رئيسه سعد الحريري الغائب عن المشهد السياسيّ حاليًا، أو من قبل نوّاب آخرين، استطاعوا أن يجمعوا تحت لواء سياستهم العديد من العائلات البيروتية الفاعلة داخل الاتحاد خاصة بعد غياب الحريري الإبن، ليكون هناك توجّهٌ صارم بالمضي قدمًا بما تقرّره الأغلبية، والعمل على إبعاد السّياسة ومناكفاتها عن هذا الإتحاد ليقوم بدوره على أساس حوكمة جديدة لا تهدف إلا لتحقيق أهداف وتطلعات أهالي بيروت، فالإجماع السياسي كان واضحًا لجهة ترك القرار للعائلات في الانتخابات المقررة مع الحرص على أن يعود الاتحاد لدوره العائليّ الجامع على الصّعيدين الاجتماعيّ والوطنيّ انطلاقاً من بيروت ودورها المتميز في هذا الوطن.


من جهة أخرى تؤكد المعلومات والمصادر على أنّه ومن المستبعد أن يتم انتخاب أي شخصيّة كان لها دور أو تواجد مع الهيئات الإداريّة السّابقة للإتحاد إذ أن الإدارة الجديدة ستكون عبارة عن إدارة تضم شخصيات شبابية لها خطط وبرامج، وأهداف بما يعود بالمصلحة الجامعة للإتحاد من خلال تجمّعهم تحت "لواء" لائحة جامعة للجميع، من دون أي استثناء تأتي بالتزكية حاملة معيارًا جديدًا قائمًا على التجديد، وإطلاق عجلة العمل لهذا الإتحاد.
ومن هنا فإن الإجتماعات تتواتر على قدمٍ وساق لأجل التوصل إلى لائحة كاملة متكاملة لا تشبه أي لائحة سابقة، وتكون عادلة لناحية التمثيل لأجل أن تكون مبنية على أساس قوي من دون أن تواجه أي عوائق مستقبلية قد تقف عائقًا أمامها وأمام عملها وتحقيق أهدافها، بعد أن شهد هذا الإتحاد العديد العديد من المشاكل على الصعد كافة. فمن الناحية الإدارية غالبًا ما كان الإتحاد يعاني سواء أكان ذلك جرّاء التّدخلات السّياسية التي كانت تؤدي إلى تعطيل عجلة دورانه، أو لناحية الإختراقات التي كان يعاني منها ما أدى إلى قطع أواصر العلاقات لتشهد بيروت وعائلاتها فصولًا غير مسبوقة من المناكفات، والجفاف التواصلي بين مختلف هذه العائلات.


على العموم، وبالرغم من كل ذلك، فإن ٢٤ شباط القادم سيكون موعدًا لإعلان لائحة الإدارة الجديدة التي سيكون على عاتقها عملًا شاقًا وكبيرًا لناحية المهام المتوجبة عليها من خلال عقد العزم الواضح على حماية بيروت، وتشكيل اتحاد يشدُّ الوتد، ويعيد اللّحمة بين جميع الأهالي، و مواكبة ومعالجة القضايا التي تواجه البيارتة على مختلف الصّعد، خاصةً وأن بيروت التي تنكسر لا تعرف يومًا الموت، إنّما ستنهض لتعود "ستّ الدنيا" بيروت، مشرقةً، متلألئه بهذه البقعة الإستثنائية من الشرق الأوسط.