بقلم جانين ملاح
خاص اللبنانية


على ما يبدو فإن سنة ٢٠٢٣ لم تفرق عن سابقتها لناحية إذلال المرضى في لبنان، لا بل إن بداية السنة لا تبشّر بالخير أبدًا للمرضى اللبنانيين، خاصةً مرضى غسيل الكلى في لبنان، إذ أن حياة هؤلاء باتت رهن ١٠ دولار اميركي.
فإمّا أن تدفع دوريًا لأجل الشروع بعملية غسل الكلى في المستشفى، وإمّا التّعالي والتّكابر على الجراح، وانتظار الموت البطيء.

وفي التّفاصيل الخاصة الذي حصل عليها موقع "اللّبنانيّة"، فإنَّ مرضى غسيل الكلى في مستشفى اليوسف في عكار يعانون الأمرّين، إذ أن إدارة المستشفى فرضت على كافة المرضى أن يقوموا بدفع مبلغ ١٠ دولار فريش قبل البدء بجلسة غسيل الكلى، وإلا فإن المستشفى سوف تمتنع تمامًا عن القيام بجلسة غسيل الكلى.

هذا الأمر يعتبر شبه مستحيل، لا بل ضربًا من الخيال، إذ أن مريض الكلى وبالحد الأدنى يحتاج لثلاث جلسات أسبوعيًا ما يعني تلقائيًا بأنه سيتكلف ٣٠$ أي تقريبًا ما قدره مليون و٣٠٠ ألف ليرة أسبوعيا أو ما يزيد عن خمسة ملايين شهريًا.

هذا الكم الهائل من الرسوم المفروضة من المستشفى لا يعتبر إلا نذير خطر كبير إذ أن اللبناني الذي يستطيع أن يتحمل عددا معينا من الجلسات سيواجه صعوبة لا بل إستحالة مطلقة بأن يكون قادرًا على تأمين الـ١٠$ للجلسات المقبلة، خاصةً وأن جلسات غسيل الكلى تعتبر من الجلسات الضرورية التي من غير المعقول أن يتراخى المريض عن إتمامها دوريًا.

هذا القرار الذي اتخذته مستشفى "اليوسف" في عكار لم يتم استثناء أحد منه، إذ أنّه يشمل المضمونين وغير المضمونين، فحتى العسكريين الذين من المفترض بأنهم مضمونون على حساب المؤسسة العسكرية هم مجبورون أيضًا على دفع مبلغ ١٠$ فريش قبل البدء بالجلسة وإلا فأنهم سيواجهون المصير نفسه.

حاول موقع اللبنانية التواصل مع ادارة المستشفى من دون الحصول على اي جواب بشأن الموضوع. واكتفت الادارة بأخذ اسم المتصل واسم الموقع دون اعادة الاتصال.

ومن هنا يبقى المريض واقعًا بين خيارين أحلاهما مرّ، فإما أن يضحي بكل ما يملك لأجل إتمام الجلسات، وإما أن يكابر على مرضه وينتظر لحظة موته.
يبقى هذا الملف برسم وزارة الصّحة التي من المفترض أنّها أمّنت للمرضى كافة التّسهيلات اللازمة في ظلّ هذه الأزمة الإقتصاديّة المستعصية فيما لو كنّا بدولة تعي حقيقةً منطق ومعنى الدولة.