بقلم جانين ملاح
خاص اللبنانية

على قدمٍ وساق تتطلع دولة كازاخستان إلى إجراء إنتخابات رئاسية، إذ تعتبر هذه الإنتخابات نوعاً ما متمايزة عن سابقاتها لناحية الجو السياسي الذي يحيط بها، إذ أن عامل البحث عن الديمقراطية، وتبعاتها، هو ما يتم العمل عليه بهذه الإنتخابات، خاصةً بعد عام مليء بالأحداث، يعتبر الأصعب بتاريخ كازاخستان، من كورونا، وصولا إلى الحرب على أوكرانيا، لم تسلم كازاخستان من التّبعات السلبية لهذه الأحداث الدولية.

عملية إعادة تشغيل كاملة لمؤسسات الدولة الرئيسية يُطمح أن تُجرى على أساسها الإنتخابات المقبلة، خاصةً وأن هذه الإستراتيجية هي إستراتيجية جديدة لرئيس الدولة قاسم جومارت توكاييف. ومن هنا لا بدّ من الإشارة إلى الورشة الكبيرة التي قامت بها المؤسسات الرسمية لأجل إتمام انتخابات رئاسية إستثنائية، وذلك من زاوية تحديث الحياة الإجتماعية والسياسية للبلد، وإعطاء الحق لمواطني كازاخستان بعقد اجتماعات سلمية، هذا بالإضافة إلى إنشاء المحكمة الدستورية، ومنح مفوض حقوق الإنسان الحصانة، وإلغاء عقوبة الإعدام، وتسهيل شروط تسجيل الأحزاب السياسية، لتطرح كازاخستان نظرة سياسية متطورة جديدة كليا، ومختلفة، وبعيدة كل البعد عن المراحل السابقة التي عاشتها.

هذه النّقلة والنّهضة النّوعية في كازاخستان يتحدّث عنها السفير في بيروت "يرزان كاليكينوف" ويقول "إنَّ الشّعب الكازاخستاني قد بدأ في كتابة فصل جديد في تطوره السياسي من خلال التّعديلات التّي يطرحها رئيس كازاخستان، قاسم جومارت توكاييف، من إصلاحات دستوريّة تهدف إلى تغيير نموذج الدولة بالكامل وشكل حكومة البلاد من خلال الحد من سلطات الرئيس، وصولاً إلى تعزيز دور البرلمان، وزيادة مشاركة المواطنين في الحياة السياسية، وزيادة تعزيز حماية حقوق الإنسان.

فهذا كان دليلًا على الالتزام الراسخ بالمبادئ الديمقراطية ودور أكبر للمواطنين في صنع القرار الحكومي يقول سفير كازاخستان في لبنان، اذ بفضل الرغبة الواعية في التطور الديمقراطي، أصبحت كازاخستان إحدى الدول الرائدة في الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في منطقة ما بعد الاتحاد السوفياتي."

عدة تطلعات يتكلم عنها السفير يرزان كاليكينوف تدور حول تعزيز العلاقات بين لبنان وكازاخستان، وصولاً إلى توسعة وزيادة حجم التبادلات التجارية ما بين البلدين إذ يؤكد بأنّ كازاخستان غنية بالموارد، من هنا التطلع الى فتح باب التبادلات من خلال زيادة الصّادرات والواردات ما بين البلدين.
ملفات كلها يسعى سفير كازاخستان في بيروت أن يبحثها مع المعنيين من المسؤولين اللبنانيين، فكازاخستان بلد غنيٌّ بالنفط، والقمح، وهذا يفتح الباب جدياً أمام مفاوضات، واتفاقات، وتبادلات تجارية ضرورية تخدم مصلحة البلدين.

من هنا لا بدَّ من الإشارة إلى أهمية هذا التّعاون الذي يعود بفائدة كبيرة على الجالية اللبنانية المتواجدة في كازاخستان، ولو كان عددها قليل، إلا أن هذا الأمر لا يمنع من أن يكون هناك خطة مستقبلية تحمل بين طيّاتها فتح مشاريع عمل كبيرة، وخطط استثمارات مستقبلية، والعمل على جذب رؤوس الأموال، ولأجل تسهيل هذه العملية، والتزاماً بتحقيق أفضل سبل التعاون، فإنَّ السفير يؤكد بأنه من المتوقع أن يتم تسهيل إجراءات السفر ما بين لبنان وكازاخستان من خلال استغناء اللبنانيين عن "الفيزا" الى كازاخستان، وهذا ما سيسهّل أمور التبادل والعمل التجاري بشكل كبير.

خطة التعاون والتي لم تكن وليدة اليوم، إنّما هي امتداد لوقت كبير من العلاقات القائمة ما بين البلدين. يشير كاليكينوف إلى أن كلي البلدين يسعيان إلى تكثيف الاتصالات التجارية والاقتصادية والاستثمارية وتوسيع وتعميق الحوار السياسي اذ يلغ حجم الاستثمارات المباشرة من لبنان إلى كازاخستان نحو 125 مليون دولار خلال الثلاث سنوات الماضية.
وفي الوقت الحاضر، تعمل شركات لبنانية مثل CCC و Khatib & Alami و Dar Al-Khandasa وغيرها بنجاح في كازاخستان.

اما من الناحية السّياسية فيشدد السفير على التقاء لبنان وكازاخستان على الموقف نفسه فيما خصَّ الإستحقاقات والتّطورات الدولية، ويقول في هذا الاطار بالإضافة إلى العلاقات التجارية والاقتصادية والاستثمارية والثقافية والإنسانية وغيرها، تعد كازاخستان ولبنان شريكين موثوقين على الساحة الدولية. تتزامن مواقف بلدين من القضايا العالمية، بينما يستمر التعاون البناء في إطار الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي وغيرها من الهياكل الدولية. منذ عام 2019، تشارك وحدة حفظ السلام التابعة للقوات المسلحة الكازاخستانية في مهمة قوة الأمم المتحدة المؤقتة في جنوب لبنان.

معركة ديمقراطية سترسم في كازاخستان من خلال ورشة إصلاحية كبيرة إذ أن المنافسة ستكون بين ستة مرشحين لأجل رسم مستقبل كازاخستان الجديد القائم على الديمقراطية، والشفافية. إلا أن الأكيد فإن فترة ما بعد الإنتخابات ستبقى العلاقات قائمة ووطيدة ما بين لبنان وكازاخستان وذلك لما فيه مصلحة البلاد، خاصةً وأن الأرضية السياسية قد هُيّئت لذلك، لنبقى منتظرين نتائج الإنتخابات الرئاسية المقبلة.