يومية سياسية مستقلة
بيروت / °13
أبو وجيه"...رئيساً

Monday, October 3, 2022 2:25:46 PM



كتب أديب ابي عقل
... ولمن لا يعرف ابو وجيه واسمه عبد الرحمن برو-رحمه الله-، فهو أشهر شرطي سير في بيروت وكان ظاهرةً فريدةً في ستينيات وسبعينيات القرن الفائت، وغدا اسمه على كل شفة ولسان، وبات النموذج الحقيقي لشرطي السير، بدءاً من الهندام الخارجي، وصولاً الى الإنضباط والمناقبية وتطبيق القانون بصرامة.

كانت نقطة عمله في تلك الحقبة على تقاطع بشارة الخوري، وهو اكبر تقاطع والأكثر صعوبة و"عجقة" كونه الشريان الرئيس الذي يربط مناطق العاصمة وشوارعها وأحياءها وتفرعاتها، ونظراً الى كمية السيارات التي تعبره في ساعات الصباح في توقيت ذهاب الناس الى وظائفهم وأعمالهم .

وكان السائقون العابرون تلك المحلة "يهابون" ابو وجيه، ويلتزمون توجيهاته من خلال حركات يديه للتوقف أو المرور،خوفاً من "العقاب" الذي كان ضربة بقبضته على غطاء محرك السيارة المخالفة، ما كان كافياً لجعل اي سائق يمتثل وينضبط.

وتأتي مناسبة الحديث عن"ابو وجيه" في سياق دخول البلاد مدار الاستحقاق الرئاسي و"بروفة" توزع القوى السياسية في الجلسة الأولى للإنتخابات من دون رئيس كما حصل يوم الخميس الفائت وفي سياق المواصفات الرئاسية التي يضعها الأفرقاء والكتل،إضافة إلى القيادات والمرجعيات على تنوع أطيافها ومشاربها وانتماءاتها. ويترافق ذلك كله مع تحرك "علني" لسفراء الدول المعنية شرقاً وغرباً بالشأن اللبناني بشكل مباشر، في اتجاه القيادات الفاعلة والمؤثرة- كل من جهته-لوضعها في "رأي"و"قرار"هذه الدول حيال المواصفات و"البدلة" الرئاسية اللبنانية للمرحلة المقبلة. مع العلم أن هذه الأخيرة ليست مرحلة نهوض واستنهاض فحسب، بل مرحلة تعاطٍ واسع المروحة مع المجتمع الدولي الفاعل والمؤثر والقادر على المساعدة في النهوض، خصوصاً على الصعيدين المالي والإقتصادي، بدءاً من المحيط الأقرب مروراً بأوروبا وصولاً الى الولايات المتحدة.

وإذ يتفق الأفرقاء على رئيس يجمع اللبنانيين، او على الأصح، يجتمع اللبنانيون حوله ويتضامنون لمواجهة متطلبات المرحلة المقبلة، المترافقة مع استحقاقات إقليمية ودولية لها تأثيرها على الداخل اللبناني، فإنهم يُجمعون تالياً على سلسلة عناوين تبدأ بـ"شكل" الرئيس العتيد، بمعنى ان لا يكون"غريباً، عن الشأن العام، على اعتبار أن ذلك أكثر أهمية من "رئيس" أمضى سنوات عمله في رحاب اختصاصه فقط، في حين أن للشأن السياسي الداخلي خصوصيته التي تكاد ان تكون فريدة في العالم، ما يجعل الحاجة ماسة الى شخصية عاشت الشأن اللبناني وعايشته، وتعرف "القطب المخفية" فيه، وتكون قادرةً على تأمين المناخات الملائمة لعودة دوران عجلة الإقتصاد وبدء العودة الى الإستقرار المالي والنقدي لانطلاق ورشة النهوض وعودة المؤسسات الى العمل.

والواضح أن الجلسة الإنتخابية الأولى، أسقطت من"الغربال" دفعة اسماء ظهرت علناً واُخرى لم تظهر، على ان يستكمل"إسقاط" الآخرين في المرحلة الآتية، سواء كان ذلك ضمن المهلة الدستورية أو "ما بعد" ذلك.

غير ان المواصفات التي يضعها الافرقاء من هنا وهناك، إنما هي في الواقع شروط مخفية لكل منهم، في انتظار التفاهم على شخصية، بات شبه مؤكد أن تزكيتها ستأتي من الخارج-التقاطع الإقليمي والدولي كالعادة- والتي سيتولى السفراء-كالعادة أيضاً-ابلاغها الى اللاعبين المحليين الذين يتعين عليهم البدء عندئذٍ بتظهير حسناتها ومحاسنها الى الرأي العام، كي تكون مقبولة لديه عند تصويت النواب لمصلحتها.

وإذ تتلاقى هذه المواصفات في غالبية عناوينها مع اقتراحات الافرقاء، إلا أنه يمكن اختصارها وتبسيطها بعيداً من الإيديولوجيات والانتماءات، لجعل عملية التصويت سهلة وهادئة، للتوصل الى رئيس يجمع، والاهم، أن يجتمع اللبنانيون حوله.

فالمطلوب رئيس يحترم منطق الدولة ومفهوم المؤسسات ويجسّد هيبة الدولة ويفرض احترامها مثل"ابو وجيه".

رئيس يؤمن بكونه هو-قولاً وفعلاً- تحت القانون ويعمل على تطبيقه بحذافيره وبصرامة تماماً ك"ابو وجيه".

رئيس يحسّن إدارة الوضع اللبناني وتناغماته، وتقاطعاته الخارجية القريبة والبعيدة، لأن لبنان على خط هذه التقاطعات، كتقاطع بشارة الخوري الذي أحسن ادارته "ابو وجيه".

رئيس يتصدى للمخالفين كائناً من كانوا ومهما كانوا، والمقصود بهم في مرحلة أولى الفاسدين و"الفاتحين على حسابهم" في الوزارات والادارات والمؤسسات، فيضرب بقبضته- وهنا الضرب مطلوب- لمعاقبتهم، كما كان "ابو وجيه" يعاقب المخالفين .

وسبحة المطالَب والمطالبات طويلة، ومهمة الرئيس العتيد ليست سهلة، فالمطلوب أن يتحلى بحكمة وروية ونظافة وشجاعة رؤساء سابقين، تحلوا بالحكمة عندما كان ذلك ضرورياً لمصلحة البلد، ولم يترددوا في اتخاذ المواقف الصارمة والشجاعة عندما كان ذلك مطلوبا ولمصلحة البلد أيضاً.

لذلك المطلوب"ابو وجيه" للرئاسة، وهناك اكثر من واحد بين الأسماء المطروحة والمقترحة لغاية الآن ومن قد يظهر -او يتم تظهيره- في المرحلة المقبلة، ليستحق لبنان العودة إلى طبيعته الأصلية والأصيلة ليفخر أبناؤه بالانتماء اليه.


يلفت موقع "اللبنانية" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر الّا عن وجهة نظر كاتبه او مصدره.

 

مقالات مشابهة

خشية في بيروت من “الطابور الخامس”

لا إرادة دولية لوقف الحرب.. ولبنان مكشوف

مخاطر المقامرة جنوبًا قبل آب المقبل

فضيحة الأجهزة المخترقة تخترق التهويل بحرب!

الطبعة الورقية لـ”نداء الوطن” تحتجب!

وزير التربية يقتحم مدرسة لإقالة مديرة!

دبل تسلك درب صليبها: كما في السلم كذلك بالحرب

هوكشتاين والسلّة الكاملة