يومية سياسية مستقلة
بيروت / °19

غابي ايوب : هل للبنان قدرة على الصمود؟

Thursday, September 29, 2022 9:10:33 PM

بقلم المحلل السياسي غابي ايوب

رغم دخول لبنان المهلة الدستورية الرئاسية التي يُمكن للبرلمان أن يلتئمَ خلالها لانتخاب رئيس جديد للجمهورية بدعوة من رئيسه نبيه بري، ، لا تزال محاولات تشكيل الحكومة تصطدم بالعراقيل. ومع فشل أحدث لقاء بين رئيس الوزراء المكلف نجيب ميقاتي، والرئيس العماد ميشال عون ، في الوصول لنتائج إيجابية بشأن مساعي تشكيل حكومة جديدة. الفراغ السياسي بات موضة في لبنان فقد عاشها مرات عديدة سواء في رئاسة الجمهورية أو رئاسة الوزراء، بسبب النزاعات بين القوى السياسية المرتهنة إلى الخارج، وغير المهتمة لشؤون وشجون الناس ومشاكلهم ومعاناتهم. ها هي حكومة تصريف الأعمال مستمرة حتى اليوم ويبدو أنها ستبقى إلى ما بعد انتهاء ولاية ميشال عون يوم 31 أكتوبر المقبل إلا إذا نجحت الضغوط الدولية والداخلية بتغيير الواقع الحالي.

يمكن لأي مراقب سياسي أو اقتصادي إلا أن يستنتج أن السبب الرئيسي في الأزمة الحالية يتمثل في غياب الإرادة السياسية للإصلاح، وبأن انتفاء الحل السياسي يبقى من أكبر مسببات الأزمة التي تعصف بلبنان. والسؤال المطروح اليوم: كيف سيصمد الاقتصاد اللبناني المترنح والقطاع المصرفي المتهالك في ظل فراغ رئاسي وحكومة تصريف أعمال؟ أنه من أخطر الأمور التي واجهت ولا تزال تواجه لبنان هي إضاعة الفرص واستباحة الوقت، فلو أخذنا على سبيل المثال وليس الحصر موضوع الطاقة. فبالرغم من وجود خطة أو خطط أقرت في حكومة الحريري منذ سنوات، فإنها بقيت حبرا على ورق واستمر النزف المالي في هذا القطاع حتى تراكم العجز العائد إلى أكثر من 40 في المائة من الدين العام. كذلك ينطبق هذا الأمر على الثروات المائية والتي كان يمكن لها أن تساهم في نقل لبنان من بلد دائن إلى بلد مزدهر. والأمثلة تتعدد في ضياع الوقت والفرص. كذلك مصير مؤتمر سيدر وكيف تم التعامل مع موضوع سلسلة الرتب والرواتب هناك خوف من الانعكاسات السياسية ومترتباتها ومن خطر انفجار اجتماعي وإمكانية تعرض البلاد إلى أخطار أمنية، والانعكاسات المالية والنقدية في حال انتفاء الثقة في القطاع المصرفي من قبل اللبنانيين وغيرهم من المقيمين والمنتشرين، إذ سيزداد الوضع المصرفي حرجاً في ظل تزايد انعدام الثقة وسيكون من الصعب السير في موضوع إعادة الهيكلة المصرفية في ظل انعدام انتظام العمل الحكومي، وبالتالي ما هو مرجو من البدء في استعادة الثقة في القطاع المصرفي في حال وجدت خطة إعادة الهيكلة المصرفية، الأمر المؤكد أيضا أن الفراغ الرئاسي في ظل حكومة تصريف أعمال ستتضاعف الأخطار الناتجة عنه وسيمنع التفكير من قبل المساهمين والمستثمرين من إعادة الرسملة المصرفية والاستثمار في القطاع المصرفي، أما عن الودائع والمودعين فهذا الموضوع من المرجح أن يكون بلا أفق في ظل الوضع المتزايد خطورة نتيجة هذا الفراغ، لأن الفراغ الرئاسي سيلقي ظلا ثقيلا على قيمة العملة الوطنية والمحتمل أن يزداد العجز في الميزانين التجاري والمدفوعات مما سينعكس بشكل مباشر على قيمة العملة المحلية. هذا بالإضافة إلى الانخفاض في الاحتياطي الأجنبي لمصرف لبنان الذي يبقى الممول الرئيسي للدولة وتمويل الواردات.

أعتقد أنه من الطبيعي أن تتباطأ المفاوضات مع صندوق النقد الدولي مع الفراغ الرئاسي وبالتالي ستزداد كلفة التعافي مع إمكانية أن يستمر البلد في وضع سريري خطير، يقتات على ما يقدم له من مساعدات إنسانية تبقيه على قيد الحياة ولو بشكل مؤقت ومحدود.

والأمل في التوصل إلى اتفاق نهائي مع الصندوق لا تكمن أهميته في إقراض لبنان بعض المليارات من الدولارات بل بإقناع أو تشجيع الدول المانحة في الاستثمار في البنى التحتية للبلد كما كان الهدف من مؤتمر سيدر الذي أضاع فرصة التعافي منه ختاما ان الفراغ الرئاسي والحكومي ستنتج عنه أكلاف متزايدة للنهوض واستعادة الثقة وبالتالي ستتناقص معها إمكانية لبنان في الازدهار بل في الاستمرار أيضا كبلد طبيعي يحلو لأبنائه العيش والبقاء فيه.

يلفت موقع "اللبنانية" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر الّا عن وجهة نظر كاتبه او مصدره.

 

مقالات مشابهة

خاص- هكذا تستهدف إسرائيل قدرات حزب الله

خاص- تغيير الوضع الراهن بين إسرائيل ولبنان: الخيارات الأمريكية

خاص- إيران تستعد للضربة المنتظرة ضد اسرائيل.. تقرير يكشف

خاص- عمليات حزب الله تحولت الى نوعية.. كم عسكري اسرائيلي قتلت؟

خاص- تقارب محتمل بين الإمارات وحزب الله؟

خاص- اقرأوا هذه التفاصيل.. هكذا تستعدّ إسرائيل للحرب مع "الحزب"

خاص- أسلحة أميركية جديدة إلى إسرائيل

خاص- الولايات المتحدة قلقة على لبنان من إسرائيل.. لماذا؟