يومية سياسية مستقلة
بيروت / °13

فضيحة في عهد العتمة : ختم ساعات كهرباء للمطالبة بفواتير عن العام ٢٠١١!

Monday, September 19, 2022 12:28:33 PM




بقلم المحامي لوسيان عون

مساء ١٤ ايلول ٢٠٢٢ يوم ذكرى ارتفاع الصليب، كنت في منزلي الصيفي الذي أشغله بالايجار منذ سنوات عدة في منطقة القليعات – ريفون.
لم أكن ادرك انني متهم بسرقة واختلاس ال ٥٠ مليار دولار التي انفقت على اساس صرفها على قطاع الكهرباء.
خرجت من المنزل، واذ بي افاجأ بمداهمة حصلت قبل لحظات، عملية كومندوس طالت ساعة كهرباء المنزل وختمها بالشمع الأحمر!
كان جابي الكهرباء قد قصدني قبل ايام وطالبني بفاتورة الكهرباء المستجدة قدرها ١٨٦٠٠٠ ليرة لبنانية فسددتها له وهي تعود عن العام ٢٠٢٢،
اتصلت به عند الثامنة والنصف بعد ذهولي بما حصل فكان ان ابدى انزعاجه من الاتصال واحالني الى شركة كهرباء عجلتون – وكانها محكمة التمييز العليا التي تولت معاقبتي على جرم لم ادر به –
صباح الخامس عشر توجهت الى شركة الكهرباء، مصطحباً معي كل الفواتير المتسلسلة المسددة تباعاً حتى تاريخه، باحثاً عن التهمة الجنائية التي اقترفتها والتي عوقبت بها دون سابق انذار او اخطار،
وهنا كانت المفاجأة العظيمة :
استحقاق فاتورة تعود للعام ٢٠١١….!
نعم للعام ٢٠١١ لم تسدد…
انه تاريخ بدء الثورة السورية ، وتاريخ دخول الروس الى سوريا،
تاريخ يعود لما قبل اثني عشر عاماً بالتمام والكمال،
لا ادري يومها هل اختلس احد الجباة تلك الفواتير وتطالب بها المؤسسة اليوم،
هل استفاق ضمير الموظفين منذ ذاك التاريخ فتحرك للمطالبة بها ؟
هل انه انتقام أم استفاقة أم حرص زائد على اموال المؤسسة ومستحقاتها في يوم غابت الكهرباء عن الخطوط العمومية منذ اسبوعين عن قرى الاصطياف الكسروانية ،
ولو لم أرَ صدفة تلك الورقة المعلقة على ساعة الكهرباء لدى تنفيذ غارة الكومندوس عليها لم أدرك ان الحريصين على المال العام يلاحقون الهدر لآخر فلس، ونحن اصبحنا في دولة المحاسبة والمساءلة!
علماً انني دخلت المنزل الصيفي منذ سنوات عدة ولم اكن اعلم من شغل قبلي بسنوات طويلة ( العام ٢٠١١) المنزل المذكور
لم تنته القصة عند ذاك الحد،
فكرت ملياً وسألت عن قيمة المستحق ” التاريخي ” الذي استفاقت عليه المؤسسة فكانت ١٦١٠٠٠ ليرة لبنانية يضاف اليها رسم اعادة الوصل.
اذعنت فقط لان داخل المنزل والدتي الطاعنة في السن، لكن المصيبة كان جواب الموظفة بان ثمة عقبات لاعادة وصل الكهرباء :
تبدأ بعدم توفر الكهرباء في الشركة وعدم توفر الايصالات ولا الموظفين ولا عمل نظام الممكننة من اجل المحاسبة،! ….
“طل الاثنين” إذا بدك بركي بيكونوا هون للدفع واخذ الايصال….
ومن الخميس حتى الاثنين سابقى بلا اشتراك الدولة الحميدة الميمونة لان الدولة منهارة ولا مطبوعات ولا موظفين ولا كهرباء داخل مبنى مؤسسة الكهرباء في عهد مصون ” قوي” لم يبق في ظل حماه ومجده الا الاطلال والازمات والخراب والذل والبهدلة.
فكرت بآرمة المعوقين الذين خصص لهم موقف على مدخل مبنى المؤسسة ولم يترك لهم موقف ولم يحترم المعوق في وطني وانا واحد منهم، اضطررت الى صعود السلالم ” متل الشاطر” الى محكمة العام ٢٠١١ لانني أدِنت ربما بنهب الخمسين مليار دولار حرمت منها مؤسسات ومنشآت الكهرباء في لبنان….
عندما ينتابك القرف وتشعر بذل المواطن والاهانة، لن تعد تسأل عن حفنة من الليرات داخل مؤسسات نهبت اجدادنا واولادنا وآباءنا ومدخراتنا وجنى عمرنا، فتركت قيمة المطلوب ( الشرط لفض الاختام واطلاق سراح كهرباء ربما لن تأتينا الى الابد)
وغادرت متحسراِ لانني قضيت دراستي الثانوية والجامعية لاتخرج محامياً ناشطاً على امل فرض القانون والنظام، لكني بعد ٣٥ عاماً من المثابرة والجهد أدِنت بنهب فاتورة تعود للعام ٢٠١١ حين لم اكن شاغلاً ذاك المنزل، بل احد سواي،
ربما تلبست بجرم يتيم ارتكب في قطاع الكهرباء ، ولن يدان سواي بغيره يوماً…..
لقد توقف الهدر عند هذه الفاتورة التاريخية، وتم ضبط السارق وقطعت عنه الكهرباء، واليوم، بعد تسديدي تلك الفاتورة الذهبية ،سيستعيد قطاع الكهرباء مجده، وستقلع محركات معامل الانتاج، بعدما تم كشف السارق متلبساِ بجرمه بالجرم المشهود،
هنيئاً للبنان بهذه الادارة الفذة الغيورة على مصالح المؤسسة ،
من الآن فصاعداً ترقبوا الكهرباء ٢٤/٢٤ لقد كشف الهدر والسرقات والنهب والسلب ،كم من سارق في وطني الآن معلقاً على الشبكات العامة،
كم من سارق يفك الكابلات والمحولات لبيعها خرضة ،
كم من موظف يتقاضى اجوراَ غير محقة ممن ادخلوا تنفيعات لمصلحة هذا وذاك،
كم من تاجر وصاحب مولد يعلق اسلاكه ومعداته على الاعمدة الكهربائية العامة دون حسيب ام رقيب….
انها قصة مثيرة لدولة “الشبيحة” التي تبغي حرف الانظار عما يجري وطمس الحقائق….
” وقفت” على فاتورة العام ٢٠١١ لذاك المنزل الصيفي….
ذكرتني هذه القصة بمسرحية ” صيف ٨٤٠”….
الدولة انهارت وتحولت الى اطلال واشلاء…. والمؤسسة تبحث عن فاتورة العام ٢٠١١….
رحماك يا ربي!!!!

يلفت موقع "اللبنانية" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر الّا عن وجهة نظر كاتبه او مصدره.

 

مقالات مشابهة

خاص- الولايات المتحدة قلقة على لبنان من إسرائيل.. لماذا؟

خاص- كيف ساعدت الدول العربية في التوصل إلى قرار لوقف إطلاق النار في غزة؟

خاص- بالأرقام.. كم بلغ عدد الصواريخ التي تم إطلاقها من لبنان نحو إسرائيل

خاص- حماس تعلّمت من حزب الله.. كيف؟

خاص- بشأن الهجوم على حزب الله.. هذا ما كشفه استطلاع

خاص- المرضى الفلسطينيون يموتون في لبنان

خاص- هل عارض السيد نصرالله مطالب إيران؟

بالأرقام: ماذا أوضح الجيش الإسرائيلي عن هجماته على الحزب؟