يومية سياسية مستقلة
بيروت / °13
المتدخل في الجريمة: تعريفه وعقوبته

Monday, September 19, 2022 8:14:00 AM



دراسة واعداد المحامي الياس سليم طعمه
 
في العلم الجزائي يتم تعريف فاعل الجريمة على أنه الشخص الذي أبرز إلى حيز الوجود العناصر التي تؤلف الجريمة أو ساهم مباشرة في تنفيذها.
ويفهم أيضا" بالمحرض بأنه كل شخص حمل أو حاول أن يحمل شخصاً آخر بأي وسيلة كانت على ارتكاب جريمة.
 
أما المتدخل فمن هو وكيف نميّزه عن باقي فرقاء الجريمة ؟،
ففي الجناية أو الجنحة حددته المادة 219 من قانون العقوبات اللبناني وما يليها بأنه كل من:
1 - من أعطى إرشادات لاقترافها وإن لم تساعد هذه الإرشادات على الفعل.
2 - من شدد عزيمة الفاعل بوسيلة من الوسائل.
3 - من قبل، ابتغاء لمصلحة مادية أو معنوية، عرض الفاعل أن يرتكب الجريمة.
4 - من ساعد الفاعل أو عاونه على الأفعال التي هيأت الجريمة أو سهلتها.
5 - من كان متفقاً مع الفاعل أو أحد المتدخلين قبل ارتكاب الجريمة وساهم في إخفاء معالمها أو تخبئة أو تصريف الأشياء الناجمة عنها، أو إخفاء شخص أو أكثر من الذين اشتركوا فيها عن وجه العدالة.
6 - من كان عالماً بسيرة الأشرار الجنائية الذين دأبهم قطع الطرق أو ارتكاب أعمال العنف ضد أمن الدولة أو السلامة العامة، أو ضد الأشخاص أو الممتلكات وقدم لهم طعاماً أو مأوى أو مخبأ أو مكاناً للاجتماع.
 
وحددت المادة 220 من قانون العقوبات  اللبناني عقوبة المتدخل اذ نصت : المتدخل الذي لولا مساعدته ما ارتكبت الجريمة يعاقب كما لو كان هو نفسه الفاعل.
أما سائر المتدخلين فيعاقبون بالأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة من عشر سنوات إلى عشرين سنة إذا كان الفاعل يعاقب بالإعدام.
وإذا كان عقاب الفاعل الأشغال الشاقة المؤبدة أو الاعتقال المؤبد حكم على المتدخلين بالعقوبة نفسها من سبع سنوات إلى خمس عشر سنة.
 
 
وفي الحالات الأخرى تنزل بهم عقوبة الفاعل بعد أن تخفض مدتها من السدس حتى الثلث.
ويمكن إنزال التدابير الاحترازية بهم كما لو كانوا هم أنفسهم فاعلي الجريمة.
 
أما المتدخل الذي أقدم، فيما خلال الحالة المنصوص عليها في الفقرة الخامسة من المادة 219 وهو عالم بالأمر، على إخفاء أو تصريف الأشياء الداخلة في ملكية الغير، والتي نزعت أو اختلست أو حصل عليها بجناية أو جنحة، عوقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين وبالغرامة من عشرين ألف ليرة إلى أربعمائة ألف ليرة.
على أنه إذا كانت الأشياء المخفية أو المصرفة ناجمة عن جنحة، فلا يمكن أن تتجاوز العقوبة ثلثي الحد الأعلى لعقوبة الجنحة المذكورة. (المادة 221 ع.)
 
والمتدخل الذي أقدم فيما خلا الحالات المنصوص عليها في الفقرتين 5 و6 من  المادة 219 على إخفاء شخص يعرف أنه اقترف جناية، أو ساعده على التواري عن وجه العدالة، عوقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين.
يعفى من العقوبة أصول الجناة المختبئين أو فروعهم أو أزواجهم أو زوجاتهم حتى الطالقات، أو أشقاؤهم أو شقيقاتهم أو أصهارهم من الدرجات نفسها. (المادة 222 ع.)
 
وفي حكم فريد من نوعه عن التدخل في الجريمة صادر عن محكمة التمييز الجزائية ـ الغرفة السابعة المؤلفة من الرئيس المعلم والمستشاران مرتضى ونمور بالرقم 160 تاريخ 11/7/1996، أعتبر فيه المتدخل مسؤولاً عن الجرم الذي ارتكبه الفاعل الأصلي وعن جميع الجرائم التي كان يحتمل أن يرتكبها هذا الفاعل حيث تطورت الجريمة من عملية سلب بقوة السلاح الى جريمة قتل قصدي وجاء فيه :
 
" حيث يبدو بوضوح، ان عمر ويوسف قد وافقا على ما أطلعهما عليه سليمان فزوده عمر بمسدس حربي من عيار 7 ملم مزود بكاتم للصوت، واتفقا معه على اللحاق به إلى بيت الدين من أجل اقتسام المسروق، وانصرفا لشأنهما، في حين أن سليمان تركهما وتوجه إلى مسكن الناطور من أجل انفاذ ما اتفقا عليه وبحوزته المسدس المذكور ليستعمله في ما صمم عليه.
وحيث أن سليمان هذا انتظر حتى حوالي الساعة السابعة مساء، فوصل إلى هناك، فَتَقَنّعَ بجوارب نسائية اخفاء لنفسه عن الناطور وزوجته اللذين يعرفانه كما سبقت الاشارة إليه، ثم دخل الغرفة شاهراً مسدسه، ففوجيء بهما وبشخصين آخرين هنديين يحتسون الشاي، فطلب من الزوجة أن تسلمه الأساور الثلاثة التي كانت في يدها، ففعلت، وان الزوج على ما يبدو تعرّف عليه من صوته فناداه باسمه معاتباً إياه على فعلته، ثم محاولاً انتزاع الأساور من يده فعاجله على الفور بطلق ناري فأرداه، وغذ حاول الهنديان الهرب، لقيا ذات المصير، فخرا صريعين في الأرض، وعندما أخذت الزوجة بالصراخ فلم يتردد في إطلاق النار عليها، فأسكتها بطلقين أخيرين، وركن للفرار، مكتفياً بتلك الأساور الثلاثة.
وحيث أن سليمان هذا توجه على الفور إلى بيت الدين فاجتمع بعمر وبيوسف واطلعهما على ما جرى، وان الحصيلة كانت تلك الأساور فقط، ثم بعد ذلك بأيام معدودة باعها في صيدا بمبلغ خسمة وأربعين ألف ل.ل. نال منها كل من يوسف وعمر حصته، البالغة عشرة آلاف ل.ل. وعادت الأمور إلى مسيرتها كأن شيئاً لم يحدث، إلى أن قبض عليهم في معرض البحث عن سيارات مسروقة.
وحيث أن فعل المتهم سليمان خالد الحريري على الشكل المبسوط أعلاه ينطبق على أحكام المادة 549 ع. فقد أقدم على القتل للحيلولة دونه ودون العقاب بعد أن تعرف عليه الناطور وللتهرب من فعل السرقة ولاخفاء معالمها.
وحيث من جهة أخرى فإن فعله لجهة السرقة ينطبق على أحكام المادة 636 فقرتها الثالثة عقوبات، معطوفة على المادة الأولى من القانون رقم 487/95 معطوفة على المادة 640 فقرتها الأخيرة منه.
وحيث أن فعله لجهة نقل السلاح الحربي غير المرخص ينطبق على أحكام المادة 72 أسلحة.
وحيث بالنسبة للمتهم الآخر يوسف، فإن مما لا شك فيه أن هذا الأخير اطلع من سليمان على ما كان ينوي عليه من سرقة، فوافقه عليه بدليل أنه نال حصة من المسروق بعد انفاذ العمل الجرمي، ثم تكتم على هذه الجريمة فأخفى معالمها وتصرف بما نجم عنها من أموال؛ فيكون متدخلاً فيها عملاً بأحكام الفقرة الخامسة من المادة 219 عقوبات معطوفة على الفقرة الثانية من المادة 220 منها لتطبيق العقاب.
وحيث وان لم يكن في الأصل قد جرى البحث بين هؤلاء الاشخاص في جريمة القتل، واقتصر الأمر على الكلام عن السرقة وما ينتج عنها، غير أن هاتين الجريمتين تشكلان مشروعاً جرمياً واحداً؛ فمن المؤكد أن من يزمع على ارتكاب جريمة سلب بقوة السلاح يقع في الحسبان إمكانية أن تجر هذه الجريمة إلى جرائم أخرى، ومنها القتل، فيستعد لمواجهة كافة الاحتمالات؛ وعلى هذا فإنه يكون متحملاً مسؤولية الافعال الداخلية في نطاق هذا الحسبان كما يتحمل مسؤولية الافعال التي أرادها أصلاً.
وحيث أن ما يقال عن الفاعل الأصلي يقال أيضاً عن المتدخل؛ وهذا الأخير يبقى مسؤولاً في اطار التدخل الجرمي عن كل جريمة واردة أو محتملة الورود في هذا المشروع الجرمي، وضمن ذلك الحسبان والاحتمالات المقبولة من الفاعل الأصلي. وبعبارة أخرى انه يستعير عناصر التدخل في الجرئم الاخرى من تلك التي تحققت في الجريمة المتفق عليها . "
 
 
مما تقدم يستدل بشكل قاطع وتحديدا" من نص قانون العقوبات اللبناني بالمواد 219 حتى 222 ومن تفسيرها الواضح والصريح بأنه حتى يلاحق المتدخل يجب ان يكون على علم بالمشروع الجرمي ، وهذا ما أستقر عليه أجتهاد المحاكم اللبنانية أذ جاء في الحكم رقم 9 تاريخ 17/3/2015 الصادر عن محكمة التمييز الجزائية الغرفة السادسة (الرئيس جوزيف سماحة ، المستشاران فرنسوا الياس وليلى رعيدي ):
 
" - انه بموجب ورقة الطلب رقم .../2015 تاريخ 23/1/2015 والمطالعة في الاساس تاريخ 16/2/2015 ، اسند إلى المدعى عليهم المميز ضدهم جنحة التدخل في سرقة أجهزة خليوية وأموال من سيارة الشاكي... وعلى مخالفة الانظمة الادارية بحيازة واستعمال اجهزة هاتف خليوي داخل السجن.
ان التحقيق أظهر ان رصيد التخابر الذي كان مشحوناً في شريحتي هاتفين خليويين كانا بين المسروقات ويحملان الرقمين... و... قد جرى تحويلهما تباعاً إلى الرقمين... و ... وإن الرقم الأول يستعمل في سجن رومية من قبل السجين (ح.ن.) والرقم الثاني يستعمل ايضاً في السجن المذكور من قبل (أ.ب.) بيد ان السجينين المذكورين افادا بأن العديد من نزلاء سجن رومية كانوا يستعملون كلاً من خطي الهاتف... ونفياً أي علاقة  أو علم لهما بأمر السرقة، اما السجين (م.م.) فلقد اعترف باستخدام الهاتف الخليوي العائد لـ (أ.ب.) ولكنه انكر التهمة المنسوبة اليه.
- انه في ما خلا واقعة نقل وحدات التخابر المسروقة إلى هاتفي السجينين (ح.ن.) و (أ.ب.) لم ينهض في مجمل التحقيق ما يثبت ان المذكورين كانا على علم وتوافق مسبق مع سارق الاغراض من سيارة الشاكي... ولا حتى انهما علما بأمر الجريمة بعد اقترافها ورغم ذلك قبلا بتعبئة هاتفيهما الخليوي بوحدات التخابر المسروقة.
وبما ان المادة 219 فقرة 5 عقوبات تشترط لمعاقبة المتدخل في جناية أو جنحة عن طريق تخبئة اشياء نتجت عنها أو استخدمت في ارتكابها أو كانت معدة لذلك، أو تخبئه من اسهم في تلك الجرائم... ان يكون المتدخل هنا على علم بأمر المشروع الجرمي المزمع تنفيذه، وإن يتوافق مع الفاعل أو أحد المسهمين في الجريمة، في حين توجب المادة 221 عقوبات ان يعرف الذي يخبئ اشياء نتجت عن جريمة، أو اشخاصاً اسهموا في جناية، بأمر تلك الجريمة بعد حصولها وقبل الإقدام على فعل التخبئة، وكل ذلك ضروري لاكتمال العنصر المعنوي في كلي الحالين،
وبما انه في ضوء المعطيات التي صار بيانها اعلاه، والتي أحسن القرار المطعون فيه عرضها، لم ينهض في التحقيق ما يؤيد على نحو جدي، توافر التوافق أو العلم المسبقين بأمر السرقة ،".
 
ولكن بعد ما سبق شرحه آنفا" لا بد من التنويه أنه أحيانا" كثيرة ما يقع المواطن ضحية جهله وسوء تصرفه وسذاجة تفكيره وأخذه للأمور ببساطة ، فيدفع ثمن أفعاله باهظا" ، أذ على سبيل المثال تتكرر حالات شراء المسروقات مع علم الشارين بالأمر وكأنهم غير معنيين أو لظنهم بأنهم غير مسؤولين عن فعل السرقة الأساسي ويتجاهلونه عن قصد أو أستهتار أو جهل ، فيقع المحظور أذ أن القانون واجتهاد القضاء يعتبر شاري المسروق مع علمه بالأمر بحكم المتدخل في الجرم ، فقضي مرات كثيرة مثلا" بأن السيارة المسروقة من اشتراها وهو علم بأنها مسروقة يعتبر  متدخلا" في جناية السرقة ففي قرار لمحكمة التمييز الغرفة السادسة برئاسة القاضي جوزيف سماحة وعضوية المستشاران فرنسوا الياس وليلى رعيدي بالرقم 68 تاريخ 24/2/2015 :
 
 
" بما ان طلب التمييز قد ورد خلال المهلة القانونية، هو موجه ضد قرار ظني صادر عن قاضي التحقيق العسكري، منع المحاكمة عن المميز ضدهم، خلافاً للمطالعة في الاساس تاريخ 24/11/2014، وقد تضمن أسباب الطعن والمطالب، فإن الشروط الشكلية العامة والخاصة تكون قد توافرت، مما يوجب قبول الطلب شكلاً والنظر في الموضوع وفقاً للأصول المعتمدة لدى الهيئة الاتهامية في القضاء العدلي، علاً بالمادة 78 فقرة أولى معطوفة على المادة 87 من قانون القضاء العسكري رقم 168/24.
ثانياً- في الاساس:
وبما انه ثبت من تحقيقات الدعوى ومن افادتي المدعى عليهما (ب.ص.) و (س.ك.) انهما اشتركا في الاستيلاء على سيارة الشاكي (ع.ع.) ... مما يوجب اتهامهما بالجناية المنصوص عليها في المادة 6388 فقرة 4 عقوبات،
وبما انه، بناء على اتفاق مسبق مع (ب.ص.) رعاه واشرف عليه(هـ.ط.) في سجنه في رومية، اقدم المدعى عليهم.... على شراء السيارة المسروقة وهم على علم بأمر السرقة، فإن فعلهم يؤلف تدخلاً في الجناية عملاً بالماجة 219 فقرة 5 معطوفة على المادة 638 فقرة 4 عقوبات،
وبما ان جنحة التخبئة المنصوص عليها في المادة 221 عقوبات تطبق عندما يكون المخبئ قد علم بعد انتهاء الجريمة، بالمصدر الجرمي غير المشروع للشيء الذي وضع يده عليه، اما في حال التوافق مع الفاعل أو أي من الشركاء أو المتدخلين في الجريمة، قبل ارتكابها أو خلال أعمال التنفيذ، على تخبئة ما ينتج عنها أو من اسهم فيها أو على ازالة وطمس معالمها أو آثارها، فإن ذلك يؤلف تدخلاً في الجريمة عملاً بالمادة 219 فقرة 5 كما هي الحال في الدعوى الراهنة، وبالتالي يقتضي استبعاد المادة 221 عقوبات ومنع المحاكمة عن المدعى عليهم الاربعة الاخيرين لهذه الجهة لانتفاء العناصر الجرمية...".
 
 
 
 
 
 
 
 
 

 

يلفت موقع "اللبنانية" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر الّا عن وجهة نظر كاتبه او مصدره.

 

مقالات مشابهة

خاص- الولايات المتحدة قلقة على لبنان من إسرائيل.. لماذا؟

خاص- كيف ساعدت الدول العربية في التوصل إلى قرار لوقف إطلاق النار في غزة؟

خاص- بالأرقام.. كم بلغ عدد الصواريخ التي تم إطلاقها من لبنان نحو إسرائيل

خاص- حماس تعلّمت من حزب الله.. كيف؟

خاص- بشأن الهجوم على حزب الله.. هذا ما كشفه استطلاع

خاص- المرضى الفلسطينيون يموتون في لبنان

خاص- هل عارض السيد نصرالله مطالب إيران؟

بالأرقام: ماذا أوضح الجيش الإسرائيلي عن هجماته على الحزب؟