يومية سياسية مستقلة
بيروت / °13

الثورة مفهومها ، الفرق بينها وبين الأنقلاب .

Monday, January 10, 2022 10:49:59 AM

بقلم المحامي الياس سليم طعمه



الثورة هي أداة أو وسيلة فعلية وعملية لا دستورية أو قانونية لأحداث تغيير جذري كامل أو شبه كامل في الحياة السياسية لأي بلد ، وقد أصبحت في هذا القرن أسلوبا" متداولا" ومتبعا" في الغاء دستور أو أنهاء أو وقف العمل به أو ولاية حاكم أو رئيس بلاد أو أسقاط حكومة .

وقد كثر الجدل حول الفارق الجوهري بين الثورة والأنقلاب ، وهنا لا بد من التأكيد أن الأختلاف بين الأثنين لا يكمن في المصدر الذي يقوم بالحركة بل في نوع الهدف الذي يرمي اليه كل منهما .

فالثورة تهدف الى تغيير الحكام وتغيير النظام السياسي والأجتماعي والأقتصادي وأقامة نظام جديد . أما الأنقلاب فيقتصر غالبا" على تغيير الحكام فقط أو أستبدال حاكم بحاكم والأستئثار بالسلطة دون التعرض لنظام الحكم ، وهذا يعني أن الثورة التي تصدر عن الشعب تهدف الى تحقيق الصالح العام للشعب ، في حين أن الأنقلاب الذي يصدر عن فرد أو مجموعة سياسية أو عسكرية يسعى لتحقيق صالح فرد أو جماعة ، وأن رجال الثورة يعتبرون الأستيلاء على السلطة وسيلة لتحقيق غاية في حين أن القائمين بالأنقلاب يعتبرونه غاية في حد ذاته .

ومفهوم الثورة أوسع وأشمل من مفهوم الأنقلاب ، أثرها أقوى ومحتواها أعمق ومدلولها أكبر ، فالأنقلاب لا يتضمن أهداف الثورة.

وعلى الرغم من هذا الأختلاف فأن الفقه الدستوري لا يميز من الناحية القانونية بين الثورة والأنقلاب أذ أنه يستعمل كلمة "ثورة" بمعنى واسع وشامل يشمل كل حركة تتوسل الأحتجاج والعنف .

أن نجاح الثورة يؤدي غالبا" الى القضاء على الحكم القائم وأسقاط الدستور ، وبما أن الشعوب التي أتيح لها التعرّف على الحياة الدستورية لا يمكنها العيش بدون دستور ، فأن قادة الثورة يسارعون بعد أنتصارهم الى التعهد بوضع دستور جديد يلائم الأوضاع الجديدة ويحاكي طموحات الشعب وتطلاعاته ويلبي مطالبه ، والى أن يوضع هذا الدستور الجديد تقوم في البلاد حكومة مؤقتة أو واقعية أنتقالية هي حكومة الثورة لا تستمد سلطتها من الدستور أو من هيئة شرعية بل من الواقع الذي تمخضّت منه الثورة .

وتكون على عاتق حكومة الثورة مهام أساسية كونها تحتكر السلطتين التنفيذية والتشريعية أهمها : تركيز السلطة ، أجراء أنتخابات نيابية لوضع دستور جديد .

في هذا الأطار نكون قد بحثنا في الثورة بشكلها الأول أي تلك التي تهدف بمجرد قيامها الى أحلال فكرة قانونية أو أجتماعية جديدة أي الى أحلال نظام جديد محل النظام القديم أي تلك التي تحدث الغاء الدستور فورا".

الثورة الثانية هي التي تكتفي فقط بأبعاد الفاسدين عن الحكم ، ويبقى الدستور فيها قائما" لا بل فكرة نشوء الثورة تقوم في هذه الحالة على الدفاع عن الدستور والقانون وحسن تطبيقهما وعن مؤسسات الداولة والمبادئ التي قامت عليها والحفاظ عليها من عبث وفساد الحكام .

والأمثلة عديدة في تاريخنا المعاصر عن الثورات وسنكتفي ببعض الأمثلة منها :

الحركة الثورية التي قامت في العام 1952 في بلجيكا والتي أدت الى عزل الملك السابق ليوبولد الثالث . أن هذه الحركة لم تؤد الى سقوط الدستور لأنها كانت موجهة ضد الملك المتهم بتعاونه مع النازيين في الحرب العالمية الثانية.
الحركة الثورية التي قامت في مصر في تموز من العام 1952 هي الأخرى لم تكن تهدف في بداياتها الى الغاء الدستور لأنها لم تنشأ على تلك الفكرة بل كانت موجهة ضد فساد الحكم والحكام والأدارة الذين كانوا يتلاعبون بالدستور لتحقيق مصالحهم الخاصة ، ألا أنها تحولت لاحقا"الى ثورة بعد مضي عدة أشهر على قيامها تهدف الى تبديل الوضع السياسي القديم حيث صدر عن القائد العام للقوات المسلحة أعلان بسقوط دستور العام 1923.
أما في لبنان فالحركة الثورية التي قامت في ايلول من العام 1952 وسميت آنذاك بالأنقلاب الأبيض وأنتهت بعزل رئيس الجمهورية .
كما الأنتفاضة المسلحة التي أندلعت في العام 1958 ودامت ستة أشهر والتي أنتهت بالقضاء على فكرة تجديد الولاية لرئيس الجمهورية ، فكلتا الحركتين لم تتعرضا للدستور.



المرجع: القانون الدستوري اللبناني وأهم الأنظمة السياسية في العالم – الدكتور محمد المجذوب.

يلفت موقع "اللبنانية" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر الّا عن وجهة نظر كاتبه او مصدره.

 

مقالات مشابهة

خاص- الولايات المتحدة قلقة على لبنان من إسرائيل.. لماذا؟

خاص- كيف ساعدت الدول العربية في التوصل إلى قرار لوقف إطلاق النار في غزة؟

خاص- بالأرقام.. كم بلغ عدد الصواريخ التي تم إطلاقها من لبنان نحو إسرائيل

خاص- حماس تعلّمت من حزب الله.. كيف؟

خاص- بشأن الهجوم على حزب الله.. هذا ما كشفه استطلاع

خاص- المرضى الفلسطينيون يموتون في لبنان

خاص- هل عارض السيد نصرالله مطالب إيران؟

بالأرقام: ماذا أوضح الجيش الإسرائيلي عن هجماته على الحزب؟