يومية سياسية مستقلة
بيروت / °19

هل يقتضي قانوناً إشراك المودعين مع المصارف في تحمُّل أجزاء من الخسائر المالية في عملية حل الأزمة الراهنة؟!

Friday, January 7, 2022 11:05:10 AM

بقلم المحامي هيثم عزُّو - عضو الدائرة القانونية لمجموعة الشعب يريد إصلاح النظام


عدلاً، إنَّ الاستفادة سابقاً تؤول إلى تحمُّل الخسائر لاحقاً!

في الحقيقة والواقع، استفادت المصارف من قروض مُيسَّرة بفوائد متدنيّة جداً من الخزينة العامة؛ وفي المقابل، استفادت أيضاً من فوائد فاحشة جداً على إقراضها الدولة؛ واستفادت كذلك الأمر من عوائد أرباح ضخمة ناتجة عن استثمارها لأموال المودعين في أنشطتها الاقتصادية المختلِفة في الداخل والخارج؛ واستفادت كذلكَ من سداد للمودعين أجزاء من ديونهم المترتّبة بذمّتها لهم والمُحرَّرة بالدولار وفق سعر الصرف المصرفي المحدّد من المصرف المركزي والذي لا يتناسب البتَّة وإطلاقاً مع سعر الصرف الحقيقي للدولار في السوق؛ وكذلك الأمر استفادت أيضاً من تسديد قيمة القروض الكبيرة للمصرف المركزي باللولار ١٥٠٠ ل.ل. والتي كانت قد أُعطِيَت لها بالفريش دولار وفي خضم الأزمة المالية من المصرف المركزي.

وعملاً بمبدأ الغُرم بالغُنم، يقتضي أن تتحمّل المصارف وحدها دون المودعين الخسائر الحاصلة بسبب الأزمة المالية الراهنة وذلكَ لكَوْن المبدأ القانوني المشار اليه يعني أنَّ مَن يحصل على الغُنُم (الربح)، عليه في المقابِل أن يتحمَّل الغُرم (الخسارة) إذا وقعَ؛ أيّ بمعنى آخر، إنَّ مَن ينال نفع شيء يجب أن يتحمَّل وحده ضررَهُ...

إذن، رغم هائل ما استفادت منه المصارف من غُنُم ومنافع، تريدون مع ذلك إشراك المودعين معها في تحمُّل الغُرم والخسائر، رغم أنّهُ لا ذنبَ ولا ناقة لهم في كل ما حصلَ بشأن الأزمة المالية الراهنة ورغم أنَّ مسؤوليتها تقع بكاملها فقط على مثلّث بارمودا المالي (الدولة-المصرف المركزي-المصارف)!

حسناً يا سادة العدل، نحنُ موافقين على تحميل المودعين جزء من الخسائر! ولكن رُوَيداً...منَ المُسلَّم بهِ فقهاً واجتهاداً وشرعاً وشريعةً أنَّ المذنب يتحمَّل مرَّةً واحدةً مسؤولية الخسائر الناتجة عن ذنبهِ؛ وعليه، فإنَّ المودعين -غير المذنبين- تحمَّلوا الخسائر المُراد عُنوةً تحميلهم إياها بسبب الأزمة المالية الراهنة، إذ تحمَّلوا خسارة تلاشي قيمة ودائعهم المُحرَّرة بالليرة، نتيجة تدهور وانهيار قيمة العملة الوطنية في السوق بسبب تهريب المصارف لرؤوس أموالها الدولارية للخارج، مِمَّا تسبب بارتفاع قيمة الدولار ونتيجة مضارباتها في السوق على العملة الوطنية لتحقيق مكاسب مالية وهيَ المضاربة الحاصلة بتواطُؤ أثبتتهُ العديد من التحقيقات العدلية بينها وبين المصرف المركزي وكبار الصيارفة؛ كما تحمَّلَ المودعين أيضاً خسائر ناتجة عملية الهيركات المقنّع والذي جعلتهم يسحبون مضطرين تحتَ وطأة الحاجة أجزاء من ودائعهم المُحرَّرة بالدولار على سعر الصرف المصرفي المحدَّد بصورة غير مشروعة من مصرف لبنان ب ٣٩٠٠ ل.ل. للدولار الواحد والمُعدَّل حديثاً ب٨٠٠٠ ل.ل. رغمَ أنّهُ من حقّهم الطبيعي والقانوني سحب هذه الأجزاء بالدولار ذاته أو بما يوازيه من العملة الوطنية قيمةً فعلية في السوق الحُرَّة...

إذن، تحمّلَ المودعين الخسارة المراد إشراكهم بها في لعبة توزيع الخسائر، رغم أنّه لا يتوجب عليهم قانوناً مثل هذا الإلزام ورغم أنّه من حقّهم قانوناً الاستحصال على تعويضات من المصارف -لا تحميلهم خسائر- وذلكَ لجبر الضرر اللاحق بهم والناتج عن حرمانهم من التمتّع بأموالهم المستولية عليهم بقوّة الأمر الواقع هذه المصارف التي لم تتحمّل لغاية الآن أيّة خسائر، بل ما زالت تستفيد من ذيول الأزمة المالية الراهنة -المتسبِّبة الأول بها- في تحقيق منافع وأرباح على حساب المودعين والمال العام إن لجهة الاستفادة من الأرباح غير المشروعة الناتجة عن عملية مضارباتها في السوق على العملة الوطنية وإن لجهة تحرير قسم لا بأس به من ديونها الدولارية للمودعين بسعر صرف مصرفي متدني جداً عن سعر الصرف الحقيقي للدولار في السوق وإن لجهة سداد باللولار قيمة قروض المصرف المركزي الذي أقرضها لها بالدولار...

*فبأي شرعٍ يا مشرِّعون ستُشرِّعون تحميل المودعين المتضررين خسائر سبقَ أن تحمّلوها، رغمَ كونهم غير مسؤولين في تحمُّل تبِعات أزمة ناتجة فساد سياسي مالي مصرفي؟!

يلفت موقع "اللبنانية" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر الّا عن وجهة نظر كاتبه او مصدره.

 

مقالات مشابهة

خاص- تغيير الوضع الراهن بين إسرائيل ولبنان: الخيارات الأمريكية

خاص- إيران تستعد للضربة المنتظرة ضد اسرائيل.. تقرير يكشف

خاص- عمليات حزب الله تحولت الى نوعية.. كم عسكري اسرائيلي قتلت؟

خاص- تقارب محتمل بين الإمارات وحزب الله؟

خاص- اقرأوا هذه التفاصيل.. هكذا تستعدّ إسرائيل للحرب مع "الحزب"

خاص- أسلحة أميركية جديدة إلى إسرائيل

خاص- الولايات المتحدة قلقة على لبنان من إسرائيل.. لماذا؟

خاص- كيف ساعدت الدول العربية في التوصل إلى قرار لوقف إطلاق النار في غزة؟