يومية سياسية مستقلة
بيروت / °19

هستيريا الانتخابات..او حشرجة النهايات؟

Friday, October 22, 2021 10:12:19 PM

يفترض ان الجلسة الأخيرة لمجلس النواب قد حسمت الوجهة الاساسية لمسار التطورات السياسية والإعلامية في لبنان خلال الأشهر المقبلة، فقد حددت موعد اجراء الانتخابات النيابية في 27 من اذار المقبل، مالم يدخل على الخط أي تطور اخر يعطل هذه الوجهة، وهذا وارد بقوة.

بعد هذه الجلسة المختلف على نتائجها، يكون مجلس النواب الذي سمح للمغتربين بانتخاب 128 نائبا، قد أطلق صفارة السباق الأقوى والاكبر والأكثر حماسة وحيوية وتوترا بالنسبة للأطراف الراغبة في تجديد وجودها وتمثيلها واحتكارها لمواقعها في المقاولات السياسية والمضاربات على المشاريع المعدة للسيطرة والسلبطة على المواطنين، التي ستكون مطروحة خلال السنوات الأربع المقبلة وعلى وجه الخصوص بعدما يفترض نظريا انتهاء فترة ولاية الرئيس الحالي ميشال عون وبطانته العائلية والحزبية والسياسية.

من هنا يمكن القول حسب التجارب، انه ما من تصرف ولو صغير او محدود الحجم والفعل الا وسيكون على ارتباط بالانتخابات المقبلة المفترضة ومتعلق فيها.

لهذه الأسباب كلها يمكن القول ان الكلام والموقف الذي أعلنه السيد حسن نصر الله في خطابه الأخير وخصوصا ما أعلنه عن عديد مقاتليه المئة ألف تعليقا على احداث الطيونة المكربة، خدم الى ابعد حدود الطرف السياسي الذي هاجمه ورمى عليه مسؤولية ضحايا المواجهة.

يمكن الجزم بان الدكتور سمير جعجع هو الان في حالة مريحة إعلاميا ودعائيا ... وأكثر ربما، بسبب تركيز هجوم السيد نصر الله عليه وعلى القوات اللبنانية، وإذا ما صح التوجه الى الاستماع اليه من قبل المحقق العسكري فان القوات ومن حولها، ستعمل على حسن استخدام هذا الهجوم من حزب الله والمنظومة التي يؤثر عليها لصالحها تحت شعار الاستهداف والاستفراد والمظلومية.

فالقوات كما هو واضح من ردود افعالها ومواقف كوادرها وتصرفاتهم ترى ان الفرصة مناسبة لاستغلال هذا الهجوم الى أكبر درجة في معركتها السياسية والإعلامية وتحديدا في الانتخابات المقبلة إذا ما جرت.

قبل هذه الخطوة غير المدروسة والمتسرعة من السيد نصر الله، كانت القوات اللبنانية تعتقد وتعلن ان مواقعها باتت متقدمة على غريمها الشريك اللدود في اتفاق معراب، التيار الوطني الحر على مستوى لبنان ومستوى التنافس في الساحة المسيحية.

لهذه الأسباب ما انفك سمير جعجع يردد ويكرر في المدة الأخيرة، دعوته لانتخابات نيابية مبكرة منطلقا من قناعة انه بات متقدما على منافسيه وتحديدا التيار الوطني الحر، وهو سيحصد عددا أكبر من المقاعد النيابية، مما يؤهله للامساك بالأغلبية النيابية المسيحية لكي يتقدم الصفوف كمرشح مسيحي قوي لانتخابات رئاسة الجمهورية المقبلة، انطلاقا من ذات الموقع والحيثية والمنطق الذي أوصل عون الى سدة الرئاسة الأولى.

كان يقول بطريقة أخرى انا سأكون الاكثر تمثيلا مسيحيا، وانا من يحق لي ان يكون المرشح الرئاسي الاوفر حظا او الرئيس المقبل.

لقد أحسن سمير جعجع حتى الان الاستفادة من أخطاء اخصامه الى ابعد الحدود. فحين سارت مجموعة من الحزب السوري القومي الاجتماعي في زواريب منطقة الحمرا تردد من دون مناسبة "سمير جعجع صهيوني" .. الخ استفاد من هذه الواقعة جعجع نفسه وليس الحزب القومي.. واستثمر في هذه الواقعة لمصلحته في الوسط المحيط به. وحين قصدت مجموعة من الشباب الشيوعي مركزا للقوات مرددة ذات شعارات الحزب القومي استغل جعجع الواقعة لكي يزيد في رصيده الذي كان تحرك بفعل حركة القومي في الحمرا.

اظهر جعجع نفسه في الواقعتين انه مستهدف من ذات الأطراف التي كانت تستهدف وتعادي المسيحيين عامة وبشير الجميل على وجه الخصوص فترة الحرب الاهلية. وهل من خدمة يتلقاها أفضل من هذه؟

لعب خصوم جعجع لعبته من دون ان يطلب منهم ذلك، او يسعى هو الى الامر. فسجلوا له نقاطا لم يخطر على باله انه سيحققها بهذه السرعة، وحقق تقدما ملحوظا على خصومه في جبهة الثامن من اذار وفي الساحة المسيحية التي ينافس عليها وفيها.

وقد تكون تطورات التحقيق في حادثة الطيونة وما تبعها خدمة جديدة لجعجع نفسه الذي يعتقد قسم كبير من الرأي العام المحيط به انه استهدف واستفرد سابقا وهو في الطريق الان الى التجربة نفسها.

لم ينتبه او يقدر الثنائي حزب الله وحركة امل ان الحملة الاعلامية السياسية التي أطلقوها مع بعض مظاهر وعراضات الدراجات النارية المدججة بالأعلام والبنادق في الشوارع، المرفقة بكم هائل من التسجيلات الصوتية الاستنفارية انها تخدم الطرف الاخر الخصم، المتربص بهما إعلاميا وسياسيا ودعائيا.

ظهرت اندفاعة الثنائي امل وحزب الله في الاعتراض على إجراءات القاضي البيطار وتعطيل مجلس الوزراء مع التلويح بتعطيل كل الدولة من اجل كف يده، انها اندفاعة تستهدف المواطنين المتعطشين لا نفراجة قد تحدثها الحكومة الوليدة طرية العود.

وأكثر من ذلك فقد كان تحديد مسار التظاهرة الاعتراضية على بيطار ينم عن تسرع وتهور في احتساب المخاطر، وهنا ربما ساهم فائض القوة المتضخم كثيرا، في حجب إمكانية الاستدراك، وهنا الخطورة التي قد يتورط بها طرف مدجج بالسلاح ومظاهر القوة والقدرة والعنف، كحزب الله وامل، ان هذا الفائض قد يعمي البصيرة كما حدث ويحجب الحفر الظاهرة في الطريق.

كان واضحا في الليلة التي سبقت واقعة الطيونة حتى للمبتدئين في اللعبة الداخلية، ان اليوم الثاني لن يمر بسلام.

من الصعب الجزم إذا ما كانت التحقيقات الأمنية ستكشف عن حقيقة ما جرى في حادثة الطيونة المشؤومة والمجنونة، لكن من السهل الاكتشاف ان طرفي التظاهرة قد قدما للقوات اللبنانية خدمة كبيرة تصب في اهداف حملتهم الانتخابية المقبلة.

يكفي فقط مراقبة بسيطة لمنسوب العنفوان العائد والمتصاعد على لسان بعض الشخصيات والمواقف القريبة من القوات اللبنانية او المتحلقة حولهم، لأدراك ان حزب الله وحركة امل، قد قدما خدمة إعلامية وسياسية لحزب القوات لم يكن يتوقعها بهذا الحجم، والسبب الوحيد لما جرى هو سيطرة وانتشار حمى وهستيريا الانتخابات النيابية المقبلة التي تبعد الأخ عن أخيه والأب عن أولاده.

لبنان في وضعه الراهن لا يحتمل اية مغامرات واهتزازات جديدة او مواجهات عنيفة، لم يعد يحتمل الخضات بات في طور الحشرجات فهل من يستدرك؟!

المدن

يلفت موقع "اللبنانية" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر الّا عن وجهة نظر كاتبه او مصدره.

 

مقالات مشابهة

شقير يعرض مع الخطيب العلاقات اللبنانية - الخليجية

استقبالات قائد الجيش

البخاري يزورالخطيب: آمل ان تفضي جهود "الخماسية" الى ايجاد الحلول

ماغرو يطلع من رئيس بلدية صيدا على أوضاع الجنوب وتداعيات النزوح

تعميم الى النّازحيين السّوريين في بعبدات

جنبلاط يلتقي البيسري وسفيرة الارجنتين

فيّاض يمثّل في منتدى الطاقة العالمي في روتردام

إبراهيم مراد: ليومٍ وطني يخلّد ذكرى إبادة 24 نيسان 1915