يومية سياسية مستقلة
بيروت / °13
سياسة "المرفأ" بوجه "الطيونة": لعبة استدعاء جعجع لإلغاء القضاء

Friday, October 22, 2021 10:06:19 PM

مجدداً، لا بد من القول للسلطة الحاكمة "برافو". "برافو" لأنها تبحث، كالعادة، عن مخارج غير مألوفة لأزماتها، من خارج القانون والمنطق. لكن هذه الممارسات من عاداتها. فتنصب الكمائن لاصطياد أرانب سحرية تخرجها من ورطتها القضائية. السياق العام في البلد، بات يشير إلى ملفين قضائيين: جريمة انفجار مرفأ بيروت وأحداث الطيونة.

عادة أحزاب السلطة لم تتغيّر. تتعامل مع شارع بشارع مضاد، مع مطلب بآخر معاكس، مع مهل وواجبات بصلاحيات التعطيل، وتطييف ومذهبة، لتضييع أي حق أو مطلب أو حقيقة.. فيؤكد هذا المسار المتكرّر، أنّ سلطة التعطيل والعرقلة والفساد والقتل تتعامل مع كل شيء، بما فيه ملف انفجار مرفأ بيروت، من باب مصالحها السياسية. وعند الردّ على مطلب بعكسه، يصبح كل شيء خاضع للتسوية والمساومة. هذه إحدى القواعد السياسية التي أرستها. "برافو" للسلطة، مؤقتاً، على هذه اللعبة المفضوحة والمقروءة سابقاً.

استدعاء جعجع
لا يمكن تفسير المعلومات التي خرجت أمس عن نيّة مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية، القاضي فادي عقيقي، الاستماع إلى إفادة رئيس حزب القوات، سمير جعجع، في التحقيقات الجارية بمجزرة الطيونة، إلا من باب فرض ملف بوجه آخر لنسف الملفين. هذا على اعتبار أنّ ثنائي حزب الله وحركة أمل، ومن معهما، يفترضان أنّ جعجع هو عرّاب التحقيق في ملف انفجار مرفأ بيروت. فيتعاملان مع هذه النظرية كفرضية ثابتة، فيغطّون مجدداً في تناقضاتهم. فهما لم يترددا باتهام المحقق العدلي قبل أسابيع بأنه تابع لرئيس الجمهورية ومستشاريه. وقبله وبعده، أنه محميّ من الكنيسة المارونية، ثم من سفارات ودول أجنبية.

إحراج جعجع
جعجع وقيادة حزب القوات اللبنانية لا تزال حتى الساعة تؤكد عدم التبلّغ بأي استدعاء أو استجواب. ومع ذلك، أكد جعجع في مقابلة متلفزة أمس على أنه مستعدّ للمثول أمام المحكمة العسكرية "شرط الاستماع إلى الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصرالله قبلي". ليس الهدف من استدعاء جعجع، إن كانت المعلومات المتداولة دقيقة، وضعه تحت الضغط القضائي. ولكن المطلوب أيضاً إحراجه. القوات اللبنانية، كما سائر اللبنانيين، تطالب منذ وقوع جريمة 4 آب وغيرها من الجرائم، بمثول المدعى عليهم والمشتبه فيهم أمام القضاء. فيأتي هذا الاستدعاء لإثبات ما إذا كان جعجع ملتزماً فعلياً بعنوان إعلاء القضاء على الجميع سواسية.

القضاء واستنسابيته
قضائياً، إن كانت نية الاستدعاء صحيحة، لا مهرب أمام جعجع من المثول. وإلا كانت مذكرة بحث وتحرّي بحقه إن ارتأت المحكمة العسكرية ذلك. وإلا أيضاً، تصعيد في الجبهة المقابلة تؤكد على أنه "طالما جعجع لم يمثل أمام القضاء، لما قد يمثل رئيس حكومة سابق أو وزير سابق ونائب حالي"؟ فتكون السلطة السياسية، وتحديداً ثنائي حزب الله وحركة أمل ومن معهما، قد نجحوا فعلياً في ضرب التحقيق في جريمة انفجار مرفأ بيروت من باب مجزرة أخرى. هو تأكيد على تسييس القضاء واستنسابيته، تثبته السلطة السياسية انطلاقاً من ملف الطيونة. ولا تفسير آخر لهذا الأمر. وهكذا من يوزع اتهامات التسييس هو نفسه أبرز المساهمين به.

"عيشة الفلّ"
تعاطي السلطة مع ملف المرفأ وبعده الطيونة، يأتي في سياق المبدأ العام لحكم هذه الأحزاب "نموت كلنا أو نعيش كلنا". وهو المنطق نفسه الذي سبق لرئيس التيار الوطني الحرّ النائب جبران باسيل أن قارب الملف فيه. فقال قبل أسبوع، "بيروح الجميع على القضاء أو ما حدا بيروح، المحقق العدلي يا يجيب الكل أو يطلق سراح الكل". كل هذا ترجمة حرفية للمثل المصري "يا نعيش عيشة فلّ.. يا نموت إحنا الكل". ترجمة فعلية لمعنى حكم المافيات والميليشيات. فعل تفخيخ الملفات القضائية، جميعها، للحؤول دون المحاسبة وتحضير الأرضية أمام حوار وتسوية ومصالحة اعتيادية.

تغفل السلطة السياسية، أنّ في لبنان جمهور من الضحايا الفعليين والمعنويين غير الآبهين بالألاعيب السياسية. جعجع مستدعى إلى المحكمة، فليمثل. مثوله يساهم في "دندلة" رؤساء أحزاب وقيادات أخرى إلى القضاء؟ فليكن، للأفضل. الرئيس حسان دياب مدعى عليه، فليمثل. نواب ووزراء وضباط مشتبه فيهم، فليمثلوا. ولا حرج على هذا الجمهور، بالعكس. هو جمهور يقول للسلطة ومن فيها، منذ 17 تشرين الأول 2019، فليسقط نظام القتل والهدر والفساد. جمهور رفع منذ جريمة 4 آب 2020، المشانق في ساحات بيروت. جمهور لا يأبه لقواعد اللعبة السياسية وحساباتها وتسوياتها وطوائفها بكنائسها وجوامعها، لا لشيء سوى لأنه قُتِل مرة واثنتين وثلاث. جمهور يردّد: لنعيش عيشة فلّ.. موتوا إنتو الكلّ.

المدن

يلفت موقع "اللبنانية" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر الّا عن وجهة نظر كاتبه او مصدره.

 

مقالات مشابهة

“الحزب” يستهدف ثكنة زبدين

ملتقى بيروت نظّم حفل إفطار رمضاني.. مخزومي: القيامة للبنان قدر وليس خيار

راجي السعد ينعي فؤاد السعد

مقتل شقيقتين بانقلاب سيارة في صيدا!

بالفيديو- اسرائيل تستهدف سيارة في الجنوب صباحًا

للمرّة الأولى… الرّواتب في شهر الاعياد تتأخر

خشية في بيروت من “الطابور الخامس”

لا إرادة دولية لوقف الحرب.. ولبنان مكشوف