يومية سياسية مستقلة
بيروت / °19

الحكومة ثوابت وإصلاحات.. والعبرة بردع مجرمي الحرب ورفع الطوابير

Thursday, September 16, 2021 9:00:22 AM


أشارت "الجمهورية" الى أنّ العبرة ليست في نيل الحكومة ثقة مضمونة سلفاً من أكثرية موصوفة في مجلس النواب، مقابل أقلية نيابية ستحجبها، بل إنّ العبرة هي في مقاربة اولويّات ما بعد هذه الثقة، حيث يفترض ان تطلق الحكومة عجلة العمل الكثير المطلوب منها.
وبمعزل عن مندرجات البيان الوزاري وبرنامج عمل الحكومة الذي لحظه، وسيل الوعود الوردية التي قطعتها الحكومة الجديدة، فإنّ المناخ الشعبي العام، قد سبق وأعدّ ما يبدو انّه بيان وزاري شعبي تنال على أساسه ثقة الناس، ويتمحور حول مجموعة اولويات تتطلب مقاربة سريعة وهي:

اولاً، إنهاء الحالة الشاذة التي يشهدها لبنان منذ فترة طويلة، والمتمثلة بطوابير الإذلال امام محطات المحروقات، والتي تحولت مع الايام الى اماكن إقامة للبنانيين، توسّلاً لصفيحة بنزين او مازوت. ولعلّ الخطوة الاولى في هذه المهمة الملحّة، الشروع في اجراءات تعيد الانتظام الى هذا القطاع، بالتوازي مع خطوات رادعة للتهريب والتخزين والسوق السوداء.

ثانياً، أن تثبت الحكومة نفسها راعية للبنانيين، من خلال إجراءات تحمي المستهلك من مافيات التجار، وكبح الجريمة المتمادية برفع اسعار السلع الاستهلاكية والغذائية الى مستويات جنونية، بذريعة ارتفاع سعر الدولار، وبالإبقاء عليها على غلائها الفاحش، برغم التراجع الكبير في سعر الدولار، وبلوغه بالأمس عتبة الـ15 الف ليرة، بتراجع 5 آلاف ليرة عمّا كان عليه قبل تشكيل الحكومة.

ثالثاً، أن تبادر الحكومة وسريعاً، الى أن تخوض معركة الدواء وتوفيره للمواطنين، عبر فرض إجراءات بالقانون وغير القانون، على المستوردين والمخزّنين والمحتكرين والمهرّبين، بعيداً من العراضات الإعلاميّة التي توالت في زمن الحكومة السابقة. ومعاملة عصابات التخزين والاحتكار والتهريب كمجرمي حرب، لحجبهم الدواء عن المرضى، وخصوصاً من يعانون من أمراض خطيرة ومستعصية.
تلك الاولويات تشكّل عصب الحياة للبنانيين، وبالتالي هي تفرض نفسها في صدارة عمل الحكومة الجديدة قبل أيّ أمر آخر، والمزاج الشعبي العام سيحكم على الحكومة من خلال مقاربتها لهذه الاولويات بصورة عاجلة وبالشكل الصارم الذي تتولّد عنه نتائج سريعة وملموسة.

وقالت مصادر وزارية لـ"الجمهورية"، انّ الحكومة تدرك معاناة المواطنين، وخطة العمل التي وضعتها تحاكي توقّعهم للخروج من هذه الأزمة، ولا تتضمن وعوداً فارغة ولا مجرّد اقوال كما يحصل في السابق، بل انّ قرار الحكومة هو أن تستثمر كل لحظة للعمل، وتكون الى جانب المواطن اللبناني. فهي تدرك انّ اللبنانيين يريدون ان يلمسوا افعالاً سريعة انما ليست متسّرعة، تحقّق الهدف المنشود في تخفيف وطأة الأزمة وأعبائها.

ولفتت المصادر، الى انّ الحكومة عازمة على إطلاق عجلة العمل في اسرع وقت ممكن، ولعلّ اصرار رئيسها نجيب ميقاتي على إنجاز البيان الوزاري للحكومة في مهلة قياسية، دليل على ذلك، وبالتالي لا يستقيم الكلام هنا عمّا بدأ البعض بالترويج له حول فترة سماح للحكومة لتحضير ملفاتها، وخصوصاً انّ هذه الملفات او بالأحرى الاولويات والتحدّيات، لا تحتمل أي تأخير. ودوران العجلة الحكومية سينطلق سريعاً اعتباراً من اللحظة التي تنال فيها الحكومة ثقة المجلس النيابي.

وتعترف المصادر الوزارية، انّ الحكومة بمواجهة تركة ثقيلة، وهي جاءت الى الحكم في ظرف استثنائي وصعب لا بل كارثي، الاّ انّ المهم هو ان تُترك الحكومة تعمل، وألّا تخرج شياطين التفاصيل من اوكارها لتنصب الكمائن للحكومة وتزرع في طريقها الغاماً ومطبات تعطيلية.

وإذا كان البيان الوزاري قد رسم رؤية واعدة لكيفية الخروج من الأزمة، فإنّ ترجمة الشقّ الاصلاحي، يشكلّ البند التنفيذي الأول للحكومة بعد الثقة. وفي هذا السياق، تتقاطع قراءات الخبراء، بأنّ الحكومة في مجال الإصلاحات ستكون امام اكثر الملفات الشائكة والصعبة.
وبحسب معنيين بالملف الإصلاحي، فإنّ الحكومة ترتكب خطأ قاتلاً إن سعت الى مقاربة عشوائية للملفات الإصلاحية، بل هي امام مسؤولية ان تقاربها بالتدريج، من الملف الأهم والأكثر ضرورة وإلحاحاً، إلى الملف المهمّ، بحيث تأتي العلاجات مدروسة وفي مكانها وزمانها الصحيحين.

وإذا كانت اولويات الناس محدّدة تلقائياً بمعالجة سريعة لملفات المحروقات والدواء وغلاء الاسعار، فإنّ اكثر الملفات الإصلاحية المطلوبة سريعاً، هو ملف الكهرباء، وتعيين الهيئة الناظمة لهذا القطاع ومجلس ادارة جديد لمؤسسة كهرباء لبنان. وهنا يعتبر المعنيون بالملف الاصلاحي، أنّ الحكومة امام امتحان قدرتها على إصلاح جدّي لهذا القطاع، عبر تعيينات نزيهة تراعي الجدارة والكفاءة ومعادلة الشخص المناسب في المكان المناسب، او الخضوع للمداخلات السياسية والوقوع مجدداً في محاصصة في التعيينات. ومعنى ذلك سقوط الحكومة وفقدانها سبب بقائها، ومعنى ذلك ايضاً توجيه رسالة شديدة السلبية الى المجتمع الدولي، الذي يربط ثقته بالحكومة اللبنانية بإجراء إصلاحات كفوءة ونزيهة بعيداً من المحاصصة السياسية، وتراعي تطلّعات الشعب اللبناني.

وما يفرض التدرّج في الملفات الإصلاحية، هو الملف الضاغط والأكثر حساسية والمتمثل بالانتخابات النيابية التي تحدّد موعدها مطلع شهر أيار المقبل، أي بعد أقل من 8 أشهر. وهو ملف يُنتظر أن يُدرج على بساط المتابعة الداخلية في غضون فترة قصيرة، كبند يتصدّر كل الأولويات بحيث تتفرّغ له كل القوى السياسية والمدنية.
والمعلوم انّ ملف الانتخابات، هو ملف خلافي بين منطقين، يصرّ الأول على الإبقاء على القانون الانتخابي المعمول به حالياً. وينتصر لهذا القانون "التيار الوطني الحر" و"حزب القوات اللبنانية"، فيما يصرّ المنطق الثاني تعديل هذا القانون بوصفه الأسوأ في تاريخ لبنان، لارتكازه على مضمون يشوّه النسبية، وعلى صوت تفضيلي عمّق الطائفية والمذهبية، وينتصر لهذا التعديل جبهة سياسية واسعة يتقدّمها الرئيس نبيه بري.

وعلى ما تشير الوقائع المحيطة بالملف الانتخابي، فإنّ النقاش النيابي قد بدأ حول هذا القانون، بدءاً ببعض التعديلات الملحّة على القانون، مثل البطاقة الممغنطة التي ينص عليها القانون الحالي، ولحظ العمل بها في الانتخابات المقبلة، وهو امر لم يحصل، بالتالي يتوجب تعديل القانون من هذه الناحية، يُضاف اليها اقتراع المغتربين خارج لبنان، زيادة 6 نواب يمثلون الإغتراب، حيث انّ الظرف الاستثنائي الذي يعيشه لبنان يحول دون إجراء الانتخابات في الخارج لأسباب لوجستية ومالية، علماً انّ وزيرة الخارجية بالوكالة السابقة زينة عكر، كانت قد راسلت القنصليات والبعثات الديبلوماسية اللبنانية في الخارج، لإبداء ملاحظاتهم على تجربة الانتخابات السابقة والمعوقات التي تعترض عملهم. يُضاف الى إعداد مراسلة ثانية لتسجيل الراغبين بالاقتراع في الخارج.

وكان الملف الانتخابي قد عُرض في جلسات للجان النيابية المشتركة، والنقاش العام حوله، أظهر انقساماً حاداً حوله، ما يعني انّ بلوغ صيغة جديدة للقانون الانتخابي يتطلب جلسات مكثفة للجان، الّا اذا اصطدم بصعوبات سياسية واخرى ميثاقية نسفت هذا النقاش، وجعلت القانون كما الانتخابات في مهبّ الاحتمالات السلبية.

الجمهورية

يلفت موقع "اللبنانية" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر الّا عن وجهة نظر كاتبه او مصدره.

 

مقالات مشابهة

“المالية”: عطل على أنظمتنا الإلكترونية

غارة على دورس في بعلبك

ثانوية زحلة المختلطة تبدع بمشاريعها واخرها نشاط بيئي فني رائع

باسيل: سيبقى التيار الأقوى لأنه قضية وفكر سياسي

هل الحشرات التي ظهرت أمس في عكار مؤذية؟

متطرفون يهدّدون نفق شكّا؟

تهديدات غربية لميقاتي: افصلوا المسارين

الضغط على الأوروبيين في ملف النزوح: هل تنجح الخطة؟