بقلم المحامي لوسيان عون - كاتب ومحلل سياسي

تاريخ يعيد نفسه ،
عود على بدء،
اختلفت التواريخ لكن اللاعب هو نفسه والمنهجية نفسها، لكن الهدف اختلف من خارجي كان يومها العام ١٩٨٩ السوري قبل انتقاله الى داخلي هو القوات اللبنانية عام ١٩٩٠ عند تنفيذ إحدى الشروط - المعبر - لبلوغ الهدف الكبير الا وهو كرسي الرئاسة.
اليوم هدف جديد، لكن التصويب في كل الاتجاهات، ومسمار جديد مطلوب " خلخلته " تحت شعارات مكافحة الفساد والتحقيق الجنائي وحقوق المسيحيين... ولكن الهدّاف لم تقتصر قذائفه على فريق واحد بل أغلبية الفرقاء، ولم يعوّف من كان في طليعة داعميه للوصول الى الرئاسة عنيت به حزب الله.
على ما يبدو فقد وجد العماد عون نفسه وحيداً بعد خمس سنوات من عهده في التخبط تحت عناوين لم يحقق أيّ منها ، وصل على وقع اناشيد " الرئيس القوي" ليستعد لمغادرة قصر بعبدا على وقع ترداد مقولة " افشل عهد في تاريخ الجمهورية" و " عهد الذل والافلاس والاختلاسات والفساد".
لقد وجد عون انه لم يبق امامه الا " الحزام الناسف" الذي يرتديه ، وهو الخيار الاخير المتاح لديه، بعدما اتضحت معالم الاجراءات التي قرر اتخاذها :
بعد استنفاد استخدام صلاحيات " رئاسة مجلس الدفاع الاعلى " و" الرسائل الموجهة الى المجلس النيابي " التي أجاد الرئيس بري اجهاضها ونزع صواعقها ،يستعد عون لاستخدام كل الحجج الآيلة لتعطيل الاستحقاقات الدستورية الداهمة منذ اليوم وحتى ما بعد تاريخ انتهاء ولايته الرئاسية.
ففريقه سوف يتولى تأجيل الانتخلبات النيابية العام المقبل كما أجهض اجراء الانتخابات الفرعية مؤخراً وسيمتنع عن توقيع كل ما هو متعلق بالتشكيلات القضائية وسواها ، ومن المرجح ان يعدّ العدة أمام تعطيل إجراء انتخابات رئاسية في ظل فراغ حكومي مرجح حتى انتهاء ولايته تحت حجج مختلفة أبرزها " عدم ترك قصر بعبدا الا بعد معرفة من هو رئيس الجمهورية المقبل" ، وهو بات على يقين أن المعارضة المتنامية لسياسة فريقه ستنعكس حكماً على نتائج الانتخابات لحساب خصومه وقد بات يواجه منذ اليوم مروحة معارضة تمتد ٣٦٠٪ واحلافا قد تبلغ حلفاً سداسياً غير مسبوق ناهيك عن تكتلات نيابية تبدأ من اهل البيت تنتظر لحظة الانهيار الشامل وقد اقترب مع رفع الدعم على كل السلع والخدمات والمواد الغذائية والدواء بحكم فراغ خزينة البنك المركزي من العملات الصعبة.
وضعُ فريق رئيس الجمهورية لا يحسد عليه، بعدما لعب كل أوراقه، وبات وحيداً يصارع البقاء سياسياً بمواجهة من تركه في منتصف الطريق ممن لديه أجندات وحسابات إقليمية ودولية مما فاجأه ،وهذا ما يطفو على ساحة المواقف المؤيدة له والتي باشرت باطلاق النار على الثنائي الشيعي وهو ما لن يستطيع الاخير تحمل ارتداداته،
ما لم يكن متوقعاً لدى الفريق البرتقالي توقعه الكثيرون؛ يقول الثنائي جهارة، لقد ردينا لكم الجميل لوقفتكم ومساندتكم لنا في حرب تموز ٢٠٠٦ فكان لكم منا أثمن هدية رئاسية لم تعرفوا درايتها واستغلالها وتوظيفها في السياسة نظراً لسوء إدارتكم للبلاد، لقد بادلناكم الهدية الثمينة أضعافاً مضاعفة فخدمتكم خمس سنوات، أعذرونا لعدم تمكننا من منحكم هدية أخرى لسنوات ستة إضافية ، سنراعي حجمكم السياسي الذي تنتجه الانتخابات النيابية المقبلة... وحبة مسك "،" هلقد " رسمالها" في السياسة ، لنا حساباتنا، وقد اجدنا اللعبة السياسية وبقينا خارج الحكومات بغالبيتها، تنازلنا عن معظم حقائبنا لمصلحتكم ولاجلكم ولم تحسنوا الاستفادة من الفرص. "
إنها حقيقة خطة طريق للحلفاء ،اقله في العلاقة بين الفريقين اللذين فهما كل على طريقته تفسير اتفاق مار مخايل، لقد أجاد حزب الله استثماره منذ اللحظة الاولى وتخلى عما لا يمكن أن يتبوأه يوماً الا ماروني، وسدّد دينه اضعافاً، لكن التيار البرتقالي بدد المال والرسمال وهو اشبه بذاك التاجر لاعب القمار الذي انفق بليلة لا ضوء قمر فيها ما استلفه من حليفه، وهو اليوم يبكي على الاطلال فيما حليفه يردد على مسامعه : " أعطيت مالاً ولم تحسن درايته"....