يومية سياسية مستقلة
بيروت / °19

ماذا يعني سقوط لبنان الكبير.. وهل يقايض حزب الله سلاحه بمكاسب في النظام؟

Sunday, May 31, 2020 10:41:02 AM

بقلم سعد الياس - القدس العربي


اظهرت الخلافات حول قانون العفو العام والتي طيّرت الجلسة التشريعية، مدى التباعد والتبعثر بين المكوّنات الطائفية اللبنانية وعدم الاتفاق على تحديد هوية العميل وغير العميل. ففي حين يطلق بعضهم صفة العميل على من تعاون مع إسرائيل، يردّ آخرون بأن العميل هو عميل سواء تعاون مع إسرائيل أو مع سوريا أو إيران.

وجاءت هذه الخلافات لتعكس مرآة الواقع اللبناني بعد أيام على خطبة المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان التي حملت للمرة الأولى كلاماً بهذا الحجم استهدف اتفاق الطائف وصيغة الرئيسين بشارة الخوري ورياض الصلح، وقوله إن ما صنعه الخوري والصلح “كان مزرعة للطوائف، ولم يكن وطناً”.

وفي وقت ما زال بعض الأطراف اللبنانية ومنهم السنّة والمسيحيون والدروز يترقّبون توضيحاً من “الثنائي الشيعي” حول مضمون خطبة قبلان، وإن كانت تعبّر عن مكنونات الطائفة الشيعية أم لا، فإن اللافت هو أن كلام قبلان أعقب مواقف من نواب “التيار الوطني الحر” دعت إلى وضع مسألة سلاح الحزب جانباً، ما يوحي بأن حزب الله رغب في بعث رسالة إلى رئيس الجمهورية ميشال عون وصهره جبران باسيل، بأن التخلّي المسيحي عن دعم المقاومة يعني التخلّي عن دعم رئاسة الجمهورية والعهد وإعادة النظر بالصيغة اللبنانية انطلاقاً من دعوة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله عام 2011 إلى مؤتمر تأسيسي يقلب الطاولة على ميثاق 1943 الذي قام على مبدأ لا شرق ولا غرب. فالرئيس بشارة الخوري عمل لاستقلال لبنان عن فرنسا في وقت كان أغلبية الموارنة مع بقاء الانتداب الفرنسي، والرئيس رياض الصلح سعى أيضاً للاستقلال في وقت كان أغلبية المسلمين يطالبون بالوحدة مع سوريا.

وبعد كل هذه السنوات وما تخلّلها من ثورات وحروب وصلت مكوّنات لبنانية إلى قناعة بأهمية لبنان أولاً وهذا ينطبق على عموم المسيحيين والموارنة وعموم الدروز الذين كانوا أصلاً وراء تأسيس الكيان اللبناني انطلاقاً من جبل لبنان، كما ينطبق على شرائح واسعة من الطائفة السنية يمثّلها “تيار المستقبل” الذي كان من ركائز انتفاضة الاستقلال الثاني في 14 آذار/مارس 2005 غداة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.

أما الطائفة الشيعية التي تشعر حالياً بأنها في أوجّ قوتها أو أن لبنان يعيش في زمن الشيعية السياسية والعسكرية، فمازالت تصدر دعوات على لسان أبرز قادتها السيّد نصر الله إلى التوجّه شرقاً نحو سوريا وإيران خلافاً لميثاق لا شرق ولا غرب، وخلافاً لمبدأ النأي بالنفس أو تحييد لبنان عن المحاور والصراعات.

وخلافاً لما يعتقد البعض أن حزب الله قد يقايض سلاحه بمكاسب سياسية في النظام اللبناني، فإن الحزب يريد المكاسب من دون التخلي عن سلاحه. وهو لغاية الآن ليس في وارد تسليم سلاحه إلى الدولة وحل ميليشياته كما فعلت القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي وتيار المردة وسواهم، بل ينوي الاستقواء بفائض القوة ليواظب على ممارسة وظيفة “مرشد الجمهورية” معلناً رفضه لقيام كانتونات طائفية في وقت يقيم كانتونه الخاص في الضاحية الجنوبية لبيروت وفي الجنوب والبقاع الشمالي.

وضمن هذا السياق، يُفَسّر مضمون كلام الشيخ قبلان وعدم صدور مواقف توضيحية عن القيادات الشيعية مع تمايز واضح من جانب رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي بعد ما نُقل عن أوساطه امتعاضه من هذه الخطبة، سعى جاهداً في الجلسة التشريعية في قصر الأونيسكو إلى التأكيد على أهمية الوحدة الوطنية كحاضنة للمقاومة، مشدداً على “أن أحد أهم أساليب المقاومة هي الوحدة الوطنية”.

والمثير للانتباه أن كل هذه المواقف تأتي متزامنة مع الاستعدادات الجارية في البطريركية المارونية للاحتفال بمئوية لبنان الكبير في 1 ايلول/سبتمبر عام 1920 فماذا يعني سقوط لبنان الكبير؟ هل يعني سقوط الشراكة الوطنية والانتقال إلى الفدرالية أو إلى التقسيم؟ وهل نعود إلى طرح أي لبنان نريد؟

حسب الوزير السابق سجعان قزّي “إن مصير وحدة لبنان يتوقّف على أي صيغة تُدفَن وأيِ صيغة تبقى”. ويرى أن “السنّة يريدون اتفاقَ الطائف، والمسيحيون والدروز يريدون اللامركزيّة الموسعة، لكن إخواننا الشيعة أعلنوا وفاة كل شيء ولم يقدّموا البديل”. ويسأل “أي صيغة موحّدة ممكنة إذا استمر حزب الله متمسّكاً بسلاحه خارج استراتيجيّة دفاعية، وبولايةِ الفقيه فوق الدستور اللبنانيِ، وأبقى لبنان ساحة حرب؟”.

ويضيف قزي “أنشئ لبنان الموحّد ليكون دولة مدنيّة للبنانيين فقط على قاعدة القانون والمساواة والتعدديّة والميثاقيّة، وعلى أن تتَّسم جميع مكوّناته بالاعتدال والانفتاح والتكامل. أما وقد خُرِقَ الدستور والميثاق، واستعيض عن التعدديّة بالعدد، وساد التطرّف، وتَسلّلت إلينا دول غريبة، فلا حياة للبنان الموحَّد مركزياً”. ويختم “إنقاذ لبنان لا يكون بالتوجُّه نحو شرق حسن نصر الله، بل بالعودةِ منه إلى لبنانِنا جميعاً”.

يلفت موقع "اللبنانية" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر الّا عن وجهة نظر كاتبه او مصدره.

 

مقالات مشابهة

خاص- هكذا تستهدف إسرائيل قدرات حزب الله

خاص- تغيير الوضع الراهن بين إسرائيل ولبنان: الخيارات الأمريكية

خاص- إيران تستعد للضربة المنتظرة ضد اسرائيل.. تقرير يكشف

خاص- عمليات حزب الله تحولت الى نوعية.. كم عسكري اسرائيلي قتلت؟

خاص- تقارب محتمل بين الإمارات وحزب الله؟

خاص- اقرأوا هذه التفاصيل.. هكذا تستعدّ إسرائيل للحرب مع "الحزب"

خاص- أسلحة أميركية جديدة إلى إسرائيل

خاص- الولايات المتحدة قلقة على لبنان من إسرائيل.. لماذا؟